للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاجتماع للاجتماع منها، كالصلاة ومناسك الحج «١»، فملوك المسلمين وأمراؤهم وكبار علمائهم يختلطون بالفقراء فى صفوف الصلاة والطواف بالكعبة المشرفة والوقوف بعرفات وسائر مواطن الحج، ولا تجد شعوب الإفرنج المنتسبين إلى النصرانية ولا رجال الدين من غيرهم يرضون بمثل هذه المساواة المعلومة من دين الإسلام بالضرورة للعمل بها من أول الإسلام إلى اليوم، قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: ١٠] وقال الله تعالى فى أحكام المشركين المحاربين: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة: ١١].

[الأصل السادس]

وحدة الجنسية السياسية الدولية بأن تكون جميع البلاد الخاضعة للحكم الإسلامى متساوية فى الحقوق العامة، كحماية أهلها والدفاع عنهم إلا حقّ الإقامة فى جزيرة العرب ولا سيما الحجاز، فإنه خاص بالمسلمين لأن للحرمين وسياجهما من الجزيرة حكم المعابد والمساجد، وحكم الإسلام فى معابد الملل الداخلة فى ذمته أنها خاصة بأهلها ولها حرمتها، لا يجوز لغير أهلها دخولها بغير إذن منها، المسلمون وغيرهم فى هذا سواء.

[الأصل السابع]

وحدة القضاء واستقلاله ومساواة الناس فيما أمام الشريعة العادلة، إلا أنه يستثنى منه الأحكام الشخصيّة الدينية، فإنّ الإسلام يراعى فيها حرية العقيدة والوجدان بناء على أساسه فى ذلك، فهو يسمح لغير المسلمين فى أمور الزوجية ونحوها أن يتحاكموا إلى رؤساء ملتهم، وهذا ضرب من المساواة ليس له فى غير الإسلام ضريب، لأنه اشتراك فى الحكم والتشريع، وأما إذا تحاكموا إلينا فإننا نحكم بينهم بعدل شريعتنا الناسخة لشرائعهم، والأصل فيه قوله تعالى: فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [المائدة: ٤٢] وقوله تعالى فى الآية [٤٨]: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ.


(١) وكذا الصيام والمساواة فيه أظهر، وإن كان هو تركا للشهوات لا فعلا يرى بالإبصار، ولكنه فعل نفسى يرى أثره ولا يخفى على أحد أمره.

<<  <   >  >>