للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النبى معناه لغة وشرعا والفرق بين الرسول وغيره]

النبيء فى اللغة العربية: وصف من النبأ، وهو الخبر المفيد لما له شأن مهم، ويصح فيه معنى الفاعل والمفعول، لأنه منبئ عن الله ومنبأ منه، والنبى بالتشديد أكثر استعمالا، أبدلت الهمزة فيه ياء، أو هو: من النبوة وهى الرفعة والشرف. ويطلق عند أهل الكتاب على الملهم الذى يخبر بشيء من أمور الغيب المستقبلة. وقيل إن معنى أصل مادته فى

العبرانية القديمة: المتكلم بصوت جهورى مطلقا، أو فى الأمور التشريعية، وهو عندنا: من أوحى الله إليه وحيا، فإن أمره بتبليغه كان رسولا، فكل رسول نبى، وما كان نبى رسولا، فقوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:

٤٠] يدل على انقطاع النبوة والرسالة معا بعد محمد صلّى الله عليه وسلم، فكل من ادعى أو يدعى الوحى الشرعى من الله تعالى بعده فهو كاذب مضل، وقد ادعى النّبوة كثيرون فظهر كذبهم، ولم يأت أحد ادعى النبوة بعد محمد صلّى الله عليه وسلم بشيء من الإصلاح الدينى الذى يحتاج إليه البشر، بل رأينا كتبهم وأقوالهم طافحة بمدح أنفسهم واللغو فى إطرائها ودعاويها الباطلة، التى يراد بها إخضاع العوام لهم واستعبادهم إياهم، كالذى نعهد فى الدجالين من مدعى الولاية ومعرفة الغيب والتصرف الروحانى فى نفع الناس وضرهم. ويدحض هذا وأمثاله ما بينه الله فى كتابه الحق من وظائف الرسل كافة، وخاتم النبيين خاصة، كما نراه فى موضعه من هذا الكتاب، وكذا ما علم بالتواتر من شمائله وأخلاقه صلّى الله عليه وسلم من التواضع وكراهة الدعوى والإطراء والنهى عنه.

ويرى قارئ هذا الكتاب فيه أن ما جاء به صلّى الله عليه وسلم من كتاب الله وما بينه به من سننه كاف شامل لكل ما يحتاج إليه البشر من هداية الدين لا يحتاجون إلى غيره.

<<  <   >  >>