للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمنكرو العجائب يقولون: إن كلا من الشاب والشابة لم يكونا قد ماتا بالفعل، وإن كثيرا من الناس فى كل زمان قد قاموا من نعوشهم، بل من قبورهم بعد أن ظنّ النّاس أنهم ماتوا. ولذلك تمنع الحكومات المدنية دفن الميت إلا بعد أن يكتب أحد الأطباء شهادة بثبوت موته ثبوتا عمليّا فنيّا- وللمؤمنين بالآيات أن يجزموا أيضا بأن الصبيّة لم تكن ميتة أخذا بظاهر قوله عليه السلام: «لم تمت ولكنها نائمة»، يعنى أنها أغمى عليها فظنّوا أنها ماتت وهى لم تمت.

وأما الثالث: فهو ليعازر حبيبه وأخو مرثا ومريم حبيبته: مرض في قريتهم (بيت عنيا) فأرسلتا إلى المسيح قائلين: هو ذا الذي تحبه مريض، فمكث يومين وحضر فوجد أنه مات منذ أربعة أيام، فلاقته مرثا وقالت: يا سيد لو كنت هنا لم يمت أخى، ثم دعت أختها مريم، فلما رأته خرت عند رجليه قائلة كما قالت مرثا، وكانوا قد ذهبوا إلى القبر للبكاء، فلما رآها تبكي واليهود الذين جاءوا معها يبكون (انزعج بالروح واضطرب) وقال: أين وضعتموه؟ فدلوه عليه، فبكى وانزعج فى نفسه وجاء إلى القبر، وكان مغارة وقد وضع عليه حجر، فأمر برفع الحجر فرفعوه (ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال: أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لى، وأنا علمت أنك فى كل حين تسمع لى، ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتنى) ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم: «ليعازر، هلم خارجا» فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطتان بأقمطة، ووجهه ملفوف بمنديل، فقال لهم يسوع حلّوه ودعوه يذهب» ا. هـ.

ملخصا من الفصل ١١ من إنجيل يوحنا.

أتدري أيها القارئ ما يقول منكرو العجائب والآيات فى هذه القصة على تقدير صحة الرواية؟ إننى سمعت طبيبا سوريّا بروتستنتيا يقول: إنها كانت بتواطؤ بينه وبين حبيبته وحبيبه لإقناع اليهود بنبوته- وحاشاه عليه السلام.

وإنما ننقل هذا لنتبين أن النصارى لا يستطيعون إقامة البرهان فى هذا العصر على نبوة المسيح فضلا عن ألوهيته بهذه الروايات التى تدل على النبوة وتنفى الألوهية كما فهم الذين شاهدوها. لأنه ليس لها أسانيد متصلة إلى كاتبيها، ولا دليل على عصمتهم من الخطأ في روايتها، دع قول المنكرين باحتمال الاحتيال والتلبيس أو المصادفة فيها، أو عدهم إياها على تقدير ثبوتها من فلتات الطبيعة «١».


(١) وقد نقل مثلها عن بعض صوفية المسلمين والهندوس فإن كذبوا المقولة القديمة فمنها ما رواه من شاهده من أهل عصرنا.

<<  <   >  >>