للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من المعقول]

أن للحج وقت محدد فلو كانت العمرة كالحج فرض لكان لزاما أن يحدد لها وقت.

[مناقشة الأدلة والترجيح]

أما استدلال الفريق الأول القائل بوجوب العمرة لأن القراءة متصلة وقد وردت بصيغة الأمر والأمر يفيد الوجوب أجيب بأن هذا ليس بحجة لهم فى وجوب العمرة لأن الله سبحانه إنما قرنها فى وجوب الاتمام لا فى الابتداء، فإنه ابتداء الصلاة والزكاة فقال:

وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ [المزمل: ٢٠]. وابتدأ بإيجاب الحج فقال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: ٩٧]. ولما ذكر العمرة أمر بإتمامها لا بابتدائها فلو حج عشر حجج أو اعتمر عشر عمر لزم الإتمام فى جميعها فإنما جاءت الآية لإلزام الإتمام لا لإلزام الابتداء «١».

ويقول الكاسانى: «أما على قراءة العامة: فلا حجة له فيها أيضا- يعنى الشافعى- لأن فيها أمر بإتمام العمرة وإتمام الشيء يكون بعد الشرع فيه وبه نقول: إنها بالشروع تكون فريضة» «٢».

يضاف إلى ذلك أن الله عطف العمرة على الحج والشيء لا يعطف على نفسه فى الأصل «٣».

وأما استدلال الفريق الثانى بالآية فهو أيضا محل نظر لأن الوقف الذى ذكروه فى آية ويؤيد مذهبهم فى أن العمرة ليست بواجبة قراءة شاذة والقراءة الشاذة لا يمكن بحال أن تعارض قراءة صحيحة متواترة.

أما استدلالهم ببعض الآيات والأحاديث فى أن كلمة العمرة لم تذكر مقرونة بالحج كما فى اقتران الصلاة والزكاة فهذا أيضا ليس بحجة لأن عدم ذكر الشيء ليس دليلا على إسقاط الحكم عنه بل يمكن أن تحمل هذه الأحاديث على الأحاديث المذكور بها لفظ العمرة فتكون مفسرة لها.


(١) القرطبى ٢/ ٢٤٦.
(٢) البدائع ٣/ ٣٠٣.
(٣) البدائع ٣/ ٣٠٤.

<<  <   >  >>