للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ أَلْفَاظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْتُهُ وَثَبَتُّهُ١ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، فَفِي أَيِّ لُغَاتٍ وَجَدْتَ أَنَّهَا قُدْرَتَانِ٢ مِنَ الْقُدَرِ؟ وَهَلْ من شَيْء لَيْسَ قُدْرَةِ اللَّهِ٣ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى يَخُصَّ٤ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُلُوبَ مِنْ بَيْنِهَا٥ بِقُدْرَتَيْنِ؟ فَلَمْ تَدَّعِ٦ مَا إِذَا رَجَعْتَ فِيهِ إِلَى نَفْسِكَ عَلِمْتَ أَنَّهُ ضَلَالٌ وَبَاطِلٌ وضحكة وسخرية، مَعَ أَنَّ الْمُعَارِضَ٧ لَمْ يَقْنَعْ بِتَفْسِيرِ إِمَامِهِ الْمَرِيسِيِّ حَتَّى اخْتَرَقَ لِنَفْسِهِ/ فِيهِ مَذْهَبًا خِلَافَ مَا قَالَ٨ إِمَامه، وخلا مَا يُوجد فِي لُغَات وَالْعَجَمِ، فَقَالَ: أُصْبُعَاهُ: نِعْمَتَاهُ قَالَ: وَهَذَا جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.

فَيُقَالُ: لِهَذَا الْمُعَارِضِ: فِي أَيِّ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَجَدْتَ إِجَازَتَهُ؟ وَعَنْ أَيِّ فَقِيهٍ أَخَذْتَهُ.؟ فَاسْتَنِدْ إِلَيْهِ١٠ وَإِلَّا فَإِنَّكَ مِنَ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَوْ كُنْتَ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ١١ ... ، أَوِ الْأَصْمَعِيَّ١٢ مَا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْكَ إِلَّا بِحُجَّةٍ١٣.


١ فِي ط، س، ش "فِي الحَدِيث الَّذِي بَينته ورويته".
٢ فِي الأَصْل، ط، ش "أَنَّهَا قدرتين" وَبِمَا أَثْبَتْنَاهُ جَاءَ فِي س، وَهُوَ الصَّوَاب.
٣ كَذَا فِي الأَصْل س، وَفِي ط، ش "لَيْسَ تَحت قدرَة الله" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.
٤ فِي ط، س، ش "خص".
٥ فِي س "من بَينهمَا": ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
٧ لم يتَبَيَّن لي اسْم هَذَا الْمعَارض كَمَا سبق وَأَن أَشرت إِلَى ذَلِك.
٨ فِي ط، س، ش "خلاف مَا قَالَه".
٩ فِي ط، ش "فَفِي لِسَان الْعَرَب والعجم".
١٠ فِي ط، س، ش "فأسنده إِلَيْهِ".
١١ هُوَ الْخَلِيل، بن أَحْمد بن عَمْرو بن تَمِيم الفراهيدي الْأَزْدِيّ اليحمدي، من أَئِمَّة اللُّغَة وَالْأَدب وَوَاضِع علم الْعرُوض، وَهُوَ أستاذ سِيبَوَيْهٍ النَّحْوِيّ، ولد بِالْبَصْرَةِ سنة ١٠٠هـ، وَتُوفِّي بهَا سنة ١٧٠هـ وعاش فَقِيرا صَابِرًا. بِتَصَرُّف من كتاب الْأَعْلَام للزركلي، الطبعة الثَّانِيَة ٢/ ٣٦٣، وَانْظُر: وفيات الْأَعْيَان ١/ ١٧٢، وإنباه الر واة ١/ ٣٤١.
١٢ فِي س "والأصمعي". قلت: واسْمه عبد الْملك بن قريب بن عَليّ بن أصمع الْبَاهِلِيّ، أَبُو سعيد الْأَصْمَعِي، راوية الْعَرَب، وَأحد أَئِمَّة الْعلم باللغة وَالشعر والبلدان، كَانَ كثير التطواف فِي الْبَوَادِي، ولد بِالْبَصْرَةِ سنة ١٢٢ وَتُوفِّي بهَا سنة ٢١٦هـ، وَكَانَ يَقُول: احفظ عشرَة آلَاف أرجوزة وَله تصانيف. بِتَصَرُّف من كتاب الْأَعْلَام للزركلي، الطبعة الثَّانِيَة ٤/ ٣٠٧، وَانْظُر: جمهرة الْأَنْسَاب ص"٢٣٤"، ووفيات الْأَعْيَان ١/ ٢٨٨، وتاريخ بَغْدَاد ١٠/ ٤١٠.
١٣ ورد بعد هَذَا فِي ط، س، ش مَا يَلِي: "وَمعنى الْأَصَابِع مَفْهُوم وَمعنى النِّعْمَة مَفْهُوم، وَكَذَا وَافقه أَبُو حَامِد فِي نفي الْأَصَابِع فسماها نعْمَة، فَكفى خيبة وخسارة بِرَجُل يضاد قَوْله فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، يكذب دَعْوَاهُ ويرجح تنزيهه على رَسُوله" وَفِي س "ويرجح بتنزيهه على تَنْزِيه رَسُوله" انْتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>