للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا مَا يَزْعُمُ هَؤُلَاءِ مِنْ ذَلِكَ فَسَنُبَيِّنُهُ لَكَ، وَإِنْ جَهِلْتَ، غَيْرَ أَنَّكَ تَرَدَّدْتَ وَرَاوَغْتَ١ وَوَالَسْتَ٢ وَدَالَسْتَ٣، تُقَدِّمُ رِجْلًا وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى، كَيْفَ تُصَرِّحُ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ؟ فَلَمْ تَزَلْ عَنْكَ وَدُونَكَ تَلَجْلَجُ بِهَا فِي صَدْرِكَ، حَتَّى صَرَّحْتَ، بِهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِعْلٌ. وَالْفِعْلُ عِنْدَكَ مَخْلُوقٌ وَلَا شَكَّ فِيهِ.

وَأَمَّا دَعْوَاكَ عَلَيْنَا أَنَّا نَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ، فَإِنَّا نَقُولُ عَلَانِيَةً غَيْرَ سِرٍّ، وَهُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مَخْلُوقًا٤ وَكُلُّ كَلَامٍ صِفَةُ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ بِهِ، خَالِقٍ أَوْ مَخْلُوقٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ بِهِ مِنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ سَائِرُ الصِّفَاتِ٥: مِنَ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالنَّفْسِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي إِذَا بَانَتْ مِنَ الْمَوْصُوفِ وَاسْتَبَانَ مَكَانُهَا مِنْهُ٦


١ قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط بَاب الْغبن فصل الرء ٣/ ١٠٧ مَادَّة "راغ": "راغ الرجل والثعلب روغًا وروغانًا مَال وحاد عَن الشَّيْء".
٢ قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط بَاب السِّين فصل الْوَاو ٢/ ٢٥٨، مَادَّة "الوَلُوس": "ولس الحَدِيث وأولس بِهِ ووالس بِهِ عرض بِهِ وَلم يُصَرح والموالسة الخداع والمداهنة، وتوالسوا تناصروا فِي خب وخديعة".
٣ قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس بَاب السِّين فصل الدَّال ٢/ ٢١٦ مَادَّة "الدَّلَس": "الدلس بِالتَّحْرِيكِ الظلمَة كالدسة بِالضَّمِّ واختلاط الظلام، والتدليس كتمان عيب السّلْعَة عَن المُشْتَرِي، وَمِنْه التَّدْلِيس فِي الْإِسْنَاد، وَلَا يدالس وَلَا يوالس لَا يظلم وَلَا يخون" بِتَصَرُّف.
٤ فِي الأَصْل، ط، ش "مَخْلُوق" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي س وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا خبر لَيْسَ.
٥ فِي ط، س، ش "بِسَائِر الصِّفَات" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
٦ فِي ط، س، ش "فِيهِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>