للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَامَ١ الْبَائِنُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ فِي مَكَانٍ آخَرَ؛ لِأَنَّكَ تَرَى الْمُتَكَلِّمَ مِنَ النَّاسِ يَتَكَلَّمُ نَهَارَهُ أَجْمَعَ، وَكَلَامُهُ يَخْرُجُ مِنْهُ وَصْفًا لَا يَنْقُصُ مِنْ كَلَامِهِ شَيْءٌ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ٢، مَتَى شَاءَ عَادَ٣ فِي مِثْلِهِ مِنَ الْكَلَامِ. وَلَا الْكَلَامُ يَقُومُ بِعَيْنِهِ جِسْمًا يُرَى وَيُنْظَرُ إِلَيْهِ دُونَهُ وَيَنْشُرُ كَلامَهُ فِي الآفَاقِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ، فَيُنْسَبُ إِلَيْهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، كَمَا يَنْسِبُ الْيَوْمَ أَشْعَارَ الشُّعَرَاءِ فَيُقَالُ: شعر لبيد٤ والأعشى٥ وَلَوْ قَطَعْتَ يَدَهُ لَاسْتَبَانَ مَوْضِعُ قطعه مِنْهُ٦ واستبان المقطعوع فِي مَكَانٍ آخَرَ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ الْكَلَامَ لَهُ حَالٌ خِلَافُ حَالِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْأُخَرِ، لَا يُقَاسُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا يُشَكُّ فِيهَا أَنَّهَا صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ خَرَجَ.

وَأَمَّا قَوْلُكَ: كَلَامُ اللَّهِ: فِعْلُهُ، فَقَدْ صَرَّحْتَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَادَّعَيْتَ أَنَّ أَفَاعِيلَ اللَّهِ زَائِلَةٌ عَنْهُ مَخْلُوقَةٌ، وَالْكَلَامُ أَحَدُ أفاعليه عِنْدَكَ، فَقُلْتَ فِيهِ قَوْلًا أَفْحَشَ مِمَّا قَالَ٧ إِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ. زَعَمَ المريسي أَنه مجعول، وكل


١ فِي ط، س، ش "وَقَامَ".
٢ فِي ط، س، ش "للَّذي يخرج مِنْهُ".
٣ فِي س "كَأَنَّهُ مَتى شَاءَ عَاد" وَفِي ط، ش "فَإِنَّهُ مَتى شَاءَ عَاد".
٤ تقدّمت تَرْجَمته ص"٣٥٥".
٥ هُوَ مَيْمُون بن قيس بن جندل، كنيته أَبُو بَصِير، الْمَعْرُوف بأعشى قيس، من شعراء الطَّبَقَة الأولى فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأحد أَصْحَاب المعلقات، عَاشَ عمرا طَويلا وَأدْركَ الْإِسْلَام وَلم يسلم، مولده ووفاته فِي قَرْيَة: "منفوحة" بِالْيَمَامَةِ قرب الرياض. انْظُر: خزانَة الْأَدَب للبغدادي. ط. الأولى ١/ ٨٤-٨٦، وَانْظُر: الْأَعْلَام للزركلي ٨/ ٣٠٠-٣٠١.
٦ كَذَا فِي الأَصْل، وس، وَفِي ط، ش "قطعه مِنْهَا".
٧ فِي ط، ش "مِمَّا قَالَه".

<<  <  ج: ص:  >  >>