للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَهِلَ. لَمَّا أَنَّ كُلَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ اللَّهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَهُّ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ فَهُوَ١ مَخْلُوقٌ لَا شَكَّ فِيهِ.

وَلَا يُقَالُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ اللَّهُ فَيَسْتَحِيلَ. وَلَا هُوَ غَيْرُ اللَّهِ فَيُلْزِمَ الْقَائِلَ أَنَّهُ مَخْلُوق. وَلَكِن يُقَال: كلَاما لله عِلْمٌ مِنْ عِلْمِهِ٢، وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاته، وَأَن الله٣ بجيمع صِفَاتِهِ إِلَهٌ وَاحِدٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، لَا شَكَّ فِيهِ. فَافْهَمْ وَمَا أَرَاكَ تَفْهَمُهُ٤؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ اللَّهُ، أَوْ غَيْرُ اللَّهِ. فَإِنْ قَالَ: رَجُلٌ: هُوَ اللَّهُ، أَكْفَرْتَهُ. وَإِنْ قَالَ: غَيْرُ اللَّهِ قُلْتَ لَهُ: أَقْرَرْتَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَصَوَّبْتَ مَذْهَبِي؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ.

فَيُقَالُ لَكَ: أَخْطَأْتَ الطَّرِيقَ، وَغَلِطْتَ فِي التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: الْقُرْآنُ هُوَ اللَّهُ أَوْ غَيْرُ اللَّهِ، كَمَا لَا يُقَالُ: عِلْمُ اللَّهِ هُوَ اللَّهُ، وَقُدْرَةُ اللَّهِ هِيَ اللَّهُ٥ وَكَذَلِكَ عِزَّتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُهُ وَقُدْرَتُهُ، لَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْهَا: هُوَ اللَّهُ بِعَيْنِهِ وَكَمَالِهِ، وَلَا غَيْرُ اللَّهِ، وَلَكِنَّهَا صِفَاتٌ مِنْ صِفَاتِهِ، غَيْرُ مَخْلُوق٦ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ، فَافْهَمْ.

وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّ بَعْضَ عُلَمَائِهِ وَزُعَمَائِهِ قَالَ: إِن كَلَام الله


١ لفظ "فَهُوَ" لَيْسَ فِي س.
٢ قَوْله "علم من علمه" غير وَاضِحَة وَالْأولَى إِسْقَاطهَا؛ لِأَن الْعلم صفة غير صفة الْكَلَام.
٣ فِي ط، س، ش "وَالله بِجَمِيعِ صِفَاته" وَهُوَ أوضح.
٤ فِي ط، س، ش "تفهمه وتعقله".
٥ فِي الأَصْل، س "وقدرة الله هُوَ الله" وَمَا أَثْبَتْنَاهُ أولى.
٦ فِي ط، ش "غير مخلوقه" وَهُوَ أضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>