للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْبُوبٌ.

فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الْحَائِرِ، الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَنْطِقُ بِهِ لِسَانُهُ: إِنَّهُ لَا يُصَلَّى لِلْقُرْآنِ وَلَكِنْ يُصَلَّى بِهِ لِلَّهِ الْوَاحِدِ، الَّذِي هَذَا الْقُرْآنُ كَلَامُهُ وَصفته، لَا يخص بِالصَّلَاةِ قُرْآن١ وَلَا غَيْرَهُ، كَمَا أَنَّ عِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ وَسُلْطَانَهُ وَعِزَّهُ وَجَلَالَهُ لَا يُصَلِّي لِشَيْءٍ مِنْهَا مَقْصُودًا بِالصَّلَاةِ إِلَيْهَا وَحْدَهَا وَلَكِنْ يُصَلِّي لِلْوَاحِدِ الْأَحَدِ الَّذِي هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ: مِنَ الْعِلْمِ، وَالْكَلَامِ، وَالْملك وَالْقُدْرَة وَغَيرهَا، فَاعْقِلْهُ، وَأَنَّى لَكَ الْعَقْلُ مَعَ هَذَا الِاحْتِجَاجِ وَالْخُرَافَاتِ؟!

أَرَأَيْتَكَ إِنْ عَرَّضْتَ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مَرْبُوبٌ لَمَّا أَنَّهُ قَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: يَا رَبَّ الْقُرْآنِ، فَجَعَلْتَهُ مَخْلُوقًا بِذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} ٢ أَفَتَحْكُمُ عَلَى عِزَّةِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ: {رَبِّ الْعِزَّةِ} كَمَا حَكَمْتَ٣ عَلَى الْقُرْآنِ؟ وَيْحَكَ! إِنَّمَا قَوْله: {رَبِّ الْعِزَّةِ} يَقُولُ: ذِي الْعِزَّةِ. وَكَذَلِكَ ذُو الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ: {ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} ٤.


١ فِي ط، ش "قُرْآنًا" بِالنّصب، وَيُمكن تَوْجِيهه إِذا اعْتبرنَا أَن الْفِعْل "يخص" مَبْنِيّ للمعلوم و"قُرْآنًا" مفعول بِهِ، وَبِمَا أثنبتنا على اعْتِبَار أَن الْفِعْل "يخص" مَبْنِيّ للْمَجْهُول و"قُرْآن" نَائِب فَاعل مَرْفُوع.
٢ سُورَة الصافات، آيَة ١٨٠.
٣ فِي ش "كَمَا حكيت".
٤ سُورَة الرَّحْمَن، آيَة ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>