للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ١ قَالَ: قلت لإِبْرَاهِيم بن سعد٢: ماتقول فِي الزَّنَادِقَةِ٣ تَرَى أَنْ نَسْتَتِيبَهُمْ٤ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَبِمَ تَقُولُ ذَاك٥؟ قَالَ: كَانَ علينا وَال٦ بِالْمَدِينَةِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا وَلَمْ يَسْتَتِبْهُ، فَسَقَطَ فِي يَدِهِ فَبَعَثَ إِلَى أبي، فَقَالَ لَهُ أَبِي: لَا يَهْتَدِيكَ٧ فَإِنَّهُ قَوْلُ الله: {فَلَمَّا ٨ رَأَوْا بَأْسَنَا} قَالَ: السَّيْفُ {قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} ٩ قَالَ: السَّيْف سنة الْقَتْل١٠.


١ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"١٦٨".
٢ إِبْرَاهِيم بن سعد، تقدم ص"٢٠٥".
٣ الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"٥٣١".
٤ فِي ط، س، ش "ترى أَن تستتيبهم"، وَفِي كِتَابه الرَّد على الْجَهْمِية "نستتيبهم" بالنُّون.
٥ فِي ط، س، ش "ذَلِك".
٦ فِي س "وَالِي" وَحذف الْيَاء هُوَ الصَّوَاب.
٧ وَفِي الرَّد على الْجَهْمِية "لَا يهدينك".
٨ فِي الأَصْل "لما" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ.
٩ [سُورَة غَافِر، الْآيَتَانِ ٨٤، ٨٥] .
١٠ وَأخرجه الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الْجَهْمِية بتحقيق زُهَيْر الشاويش ص"١١٤" بِسَنَدِهِ وَمَتنه إِلَّا أَنه قَالَ فِي آخِره: "قَالَ: السَّيْف، فَقَالَ: سنته الْقَتْل".
قلت: وَقد ذكر شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية الْخلاف إِجْمَالا فِي الزنديق إِذا أظهر التَّوْبَة هَل تقبل تَوْبَته فَلَا يقتل أم يقتل؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم صدقه؟. فَأفْتى طَائِفَة بِأَنَّهُ يُسْتَتَاب فَلَا يقتل، وَأفْتى الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّهُ يقتل وَإِن أظهر التَّوْبَة، فَإِن كَانَ صَادِقا فِي تَوْبَته نَفعه ذَلِك عِنْد الله وَقتل فِي الدُّنْيَا، وَكَانَ الْحَد تَطْهِيرا لَهُ، كَمَا لَو تَابَ الزَّانِي وَالسَّارِق وَنَحْوهم بعد أَن يرفعوا للْإِمَام فَإِنَّهُ لَا بُد من إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِم، فَإِنَّهُم إِن كَانُوا صَادِقين كَانَ قَتلهمْ كَفَّارَة لَهُم، وَمن كَانَ كَاذِبًا فِي التَّوْبَة كَانَ قَتله عُقُوبَة لَهُ. "انْظُر مَجْمُوع الْفَتَاوَى ٣٥/ ١١٠ وَانْظُر: عُمْدَة الْقَارِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ ٢٤/ ٧٩، وَفتح الْبَارِي ١٢/ ٢٧٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>