للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلَّدْتُمْ دِينَكُمْ أَبَا حَنِيفَةَ١ وَأَبَا يُوسُفَ٢ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ٣ فِي أَكْثَرِ مَا٤ تُفْتُونَ مِمَّا لَا تَقَعُونَ مِنْ أَكْثَرِهِ عَلَى كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ٥.

غَيْرَ أنَّا نَقُولُ: إِنَّ عَلَى الْعَالِمِ بِاخْتِلَافِ٦ الْعُلَمَاءِ، أَنْ يَجْتَهِدَ وَيَفْحَصَ عَنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، حَتَّى يَعْقِلَهَا بِجَهْدِهِ٧ مَا أَطَاقَ، فَإِذَا أَعْيَاهُ أَنْ يَعْقِلَهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَرَأْيُ مَنْ قَبْلَهَ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ رَأْيِ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ٨: "أَلَا لَا يُقَلِّدَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ دِينَهُ رَجُلًا، إِنْ آمَنَ آمَنَ وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، فَإِنْ كُنْتُم لابد فَاعِلِينَ فَالْأَمْوَاتَ٩، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا


١ أَبُو حنيفَة، تقدم ص"١٩٢".
٢ أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"١٦٧".
٣ مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ، أَبُو عبد الله، أحد الْفُقَهَاء، لينه النَّسَائِيّ وَغَيره من قبل حفظه، يروي عَن مَالك بن أنس وَغَيره، وَكَانَ من بحور الْعلم وَالْفِقْه، قَوِيا فِي مَالك. انْظُر: الْمِيزَان للذهبي ٥١٣/٣.
٤ فِي ش "مِمَّا".
٥ الْكَلَام هُنَا يقْصد بِهِ الذَّم على من أَخذ عَن أبي حنيفَة وَأَصْحَابه فِيمَا لَا يقعون فِيهِ على كتاب وَلَا سنة، وهذ حق وَلَيْسَ ذَلِك خَاصّا بِأبي حنيفَة وَأَصْحَابه، بل إِن هَذَا يَشْمَل أَبَا حنيفَة وَأَصْحَابه وَغَيرهم؛ لَا يجوز تقليدهم فِي شَيْء لَيْسَ لَهُ مُسْتَند من كتاب وَلَا سنة لمن كَانَ قَادِرًا على الاستنباط وَالْأَخْذ عَن كتاب الله وَسنة رَسُوله، أما الْعَاميّ فَإِنَّهُ يُقَلّد من يَثِق بِعِلْمِهِ وَدينه وورعه، لقَوْله:
{فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} [سُورَة الْأَنْبِيَاء، آيَة: "٧"] .
٦ كَذَا فِي جَمِيع النّسخ، وَالْأَقْرَب أَن يُقَال: "عِنْد اخْتِلَاف".
٧ فِي ط، ش "بجده".
٨ قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: وَقد تقدّمت تَرْجَمته ص"١٩٠".
٩ فِي ط، س، ش "فبالأموات".

<<  <  ج: ص:  >  >>