للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْسِيرَهُ عَامَّةُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ: أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ١: "كُنْ فَيَكُونُ"٢، وَمَتَى٣ لَا يَقُولُ لَهُ: كُنْ، لَا يَكُونُ، فَإِذَا قَالَ: "كُنْ" كَانَ، فَهَذَا الْمَخْرَجُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ بِإِرَادَتِهِ وَبِكَلِمَتِهِ لَا أَنَّهُ نَفْسُ الْكَلِمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَلَكِنْ بِالْكَلِمَةِ كَانَ، فَالْكَلِمَةُ مِنَ اللَّهِ "كُنْ" غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَالْكَائِنُ بِهَا مَخْلُوقٌ.

وَقَوْلُ اللَّهِ فِي عِيسَى٤ "رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ"٥ فَبَيْنَ الرُّوحِ وَالْكَلِمَةِ فَرْقٌ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الرُّوحَ الَّذِي نَفَخَ فِيهَا٦ مَخْلُوقٌ امْتَزَجَ بِخَلْقِهِ، وَالْكَلِمَةُ مِنَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ لَمْ تَمْتَزِجْ بِعِيسَى، وَلَكِنْ كَانَ بِهَا، وَإِنْ كَرِهَ لِأَنَّهَا مِنَ اللَّهِ أَمْرٌ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قُلْنَا، لَا عَلَى مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا مِنَ الْكَذِبِ وَالْأَبَاطِيلِ.


١ فِي ط، ش "إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ".
٢ يدل لذَلِك قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة آل عمرَان، آيَة "٤٧": {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ، وَفِي سُورَة يس، آيَة "٨٢": {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .
٣ وَفِي س "وَحَتَّى لَا يَقُول لَهُ" وَلَا يَتَّضِح بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "وَشَيْء لَا يَقُول لَهُ".
٤ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص”٢٩٥".
٥ انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "١٧١".
٦ فِي ط، ش "نفخ فِيهِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>