للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجَ لَنَا مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْخَيْرِ، وَخَرَجَ الْعَطَاءُ مِنْ قِبَلِهِ، لَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ.

فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ وَلِإِمَامِهِ الثَّلْجِيِّ: قَدْ فَهِمْنَا مُرَادَكَ، إِنَّمَا تُرِيدُ نَفْيَ الْكَلَامِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى١، مُشَنِّعًا بِذِكْرِ الْجَوْفِ، فَأَمَّا خُرُوجُهُ مِنَ اللَّهِ فَلَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَ كَلَامَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ لَا مَحَالَةَ، وَأَمَّا أَنْ نَصِفَهُ بِالْجَوْفِ كَمَا ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا زُورًا فإنَّا نُجِلُّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُتَعَالِي عَنْهُ، لِأَنَّهُ الْأَحُدُ الصَّمَدُ، كَمَا قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إِلَّا كَخُرُوجِ عَطَاءِ الرَّجُلِ مِنْ قِبَلِهِ، فَقَدْ أقرَّ بِأَنَّهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَكَلَامه غَيْرِهِ مَخْلُوقٌ٢. لَا يَجُوزُ أَنْ يُضاف إِلَيْهِ صِفَةٌ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يَقُولَ٣: كُلُّ مَا تَكَلَّمَ٤ بِهِ النَّاسُ مِنَ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالشِّعْرِ كُلُّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَهَذَا مُحَالٌ يَدْعُو إِلَى الضَّلَالِ.

وَفِي هَذَا الْقِيَاسِ الَّذِي ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يُقال قَول الْيَهُود٥: عُزَيْر٦


١ لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
٢ فِي ط، س، ش "بِأَنَّهُ كَلَام غَيره مَخْلُوق" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
٣ لَفْظَة "يَقُول" لَيست فِي ط، ش.
٤ فِي الأَصْل "كلما" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا هُنَا لَا تفِيد التّكْرَار، وَفِي س "كَمَا تكلم" وَهُوَ غير وَاضح.
٥ الْيَهُود، انْظُر ص"١٤٣".
٦ عُزَيْر، قيل: ابْن جروة وَقيل: ابْن سروخا، وَقيل غير ذَلِك، حَبْر من أَحْبَار الْيَهُود وَتَسْمِيَة الْيَهُود "عزرا"، وَقَالَ ابْن كثير: "وَالْمَشْهُور أَن عُزَيْرًا نَبِي من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل وَأَنه كَانَ فِيمَا بَين دَاوُد وَسليمَان، وزَكَرِيا وَيحيى"، وَقيل: هُوَ الَّذِي أَمَاتَهُ الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه، وَقَالَت عَنهُ الْيَهُود: هُوَ ابْن الله، وَورد =

<<  <  ج: ص:  >  >>