للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَقُولَ١: أَتَانِي رَبِّي مِنْ خَلْقِهِ بِأَحْسَنِ صُورَةٍ فَأَتَتْنِي٢ تِلْكَ الصُّورَةُ، وَهِيَ غَيْرُ اللَّهِ، وَاللَّهُ فِيهَا مُدبر، وضع٣ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ فِي صَدْرِي، يَعْنِي تِلْكَ الصُّورَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ خَلْقِهِ وَالْأَنَامِلُ لِتِلْكَ الصُّورَةِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُ لِلَّهِ.

فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: كَمْ تَدْحَضُ فِي قَوْلِكَ وَتَرْتَطِمُ٤ فِيمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم، أرأتك إِذَا ادَّعيت أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ صُورَةً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ سِوَى اللَّهِ أَتَتْهُ، فَيُقَالُ لَهُ٥: هَلْ تَدْرِي يَا محمدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ أَفَتَتَأَوَّلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَجَابَ صُورَةَ غَيْرِ اللَّهِ: لَا يَا رَبِّ لَا أَدْرِي٦ فَدَعَاهَا رَبًّا، دُونَ اللَّهِ، أَمْ أَتَتْهُ صُورَةٌ مَخْلُوقَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي رَبِّي"؟ إِنَّ هَذَا لَكُفْرٌ٧ عَظِيمٌ ادَّعَيْتَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَيَّةُ صُورَةٍ


١ فِي ط، ش "أَن يُقال".
٢ فِي ط، ش "فانتقى" بِالْقَافِ، وَفِي س "فَانْتفى" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
٣ فِي ط، س، ش "فَوضع".
٤ يُقَال: رَطَمَه أَي أوحلَه فِي الْأَمر لَا يخرج مِنْهُ فارتطم، وارتَطَم عَلَيْهِ الْأَمر لم يقدر على الْخُرُوج مِنْهُ، وَالشَّيْء ازْدحم عَلَيْهِ وتراكم "بِتَصَرُّف من الْقَامُوس الْمُحِيط ١٢٠/٤-١٢١".
٥ كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "فَقَالَت لَهُ".
٦ فِي ط، س، ش "فَقَالَ لَهَا: يَا رب لَا أَدْرِي".
٧ فِي ط، س، ش "إِن هَذَا كفر عَظِيم"

<<  <  ج: ص:  >  >>