للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علم الباطن، الذي هو علم إيمان القلوب ومعارفها وأحوالها، هو علم بحقائق الايمان الباطنة، وهذا أشرف من العلم بمجرد أعمال الاسلام الظاهرة. فإذا ادعى المدعي أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- إنما علم هذه الأمور الظاهرة، دون حقائق الايمان، وأنه لا يأخذ هذه الحقائق عن الكتاب والسنة؛ فقد ادعى أن بعض الذي آمن به مما جاء به الرسول، دون البعض الآخر، وهذا شر ممن يقول: أومن ببعض، وأكفر ببعض، ولا يدعي أن هذا البعض الذي آمن به، أدنى القسمين» (١).

وبين رحمه الله تعالى أن مثل هذا الأمر من موجبات الردة، ونواقض الملة التي تستوجب قتل صاحبها، قال رحمه الله: «ومن فضل أحداً من المشايخ على النبي -صلى الله عليه وسلم- أو اعتقد أن أحداً يستغني عن طاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استتيب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، وكذلك من اعتقد أن أحداً من أولياء الله يكون مع محمد -صلى الله عليه وسلم- كما كان الخضر مع موسى -عليه السلام-، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه؛ لأن الخضر لم يكن من أمة موسى -عليه السلام-، ولا كان يجب عليه طاعته، بل قال له: إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه؛ وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه. وكان مبعوثاً إلى بني إسرائيل. كما قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: (وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) (٢)، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- مبعوث إلى جميع الثقلين: إنسهم وجنهم، فمن اعتقد أنه يسوغ لأحد الخروج عن شريعته وطاعته فهو كافر يجب قتله» (٣).

وبهذا يتبين بوضوح فساد شبهتهم، وانحراف طريقتهم، ومخالفتهم للكتاب والسنة والإجماع، بما يوجب الردة عن الإسلام، والمروق عن الشرعة والدين، والله المستعان.


(١) المصدر السابق (ص:٩٥).
(٢) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب (قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) (٤٣٨)، ومسلم، كتاب المساجد (٥٢٣).
(٣) مجموع الفتاوى (٣/ ٤٢٢). وانظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٣١٨).

<<  <   >  >>