للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه) (١)، كان هؤلاء المتكلمون بهذه التأويلات أولى أن ترد عليهم كلها ولا يقبل منها شيء؛ إذ لم يعلم أن فيها ما هو حق، فإذا كان الكلام الذي علم أن فيه حقًّا وباطلاً قد أمرنا أن لا نقبله، فمثل هذا الكلام أولى أن لا نقبله، وهذا بينٌ ظاهر لمن قصدهُ إسكاتُ هؤلاء عن التأويلات ومنعهم من التكلم بها ومنع قبولها» (٢).

عاشراً: أن تحريفات المؤول تعود على ما يلي بالإبطال:

١. تعود على الدين بالإبطال، لانعدام الثقة بالنصوص.

٢. تعود على اللغات بالإبطال؛ لأن اللغات وضعت لقصد بيان مراد المتكلم.

٣. تعود على العلوم كلها بالإبطال؛ لأنها تكون بالكلام وتوضح به.

٤. بل إنها تبطل المعنى المؤول ذاته.

قال شيخ الإسلام: «ومآلهم في تلك التأويلات إلى القرمطة؛ التي هي: تحريف الكلم عن مواضعه، وإفساد الشرع واللغة والعقل، بالتمويه والتلبيس … ولما كان مآل هؤلاء إلى السفسطة؛ التي هي جحود الحقائق وجحود الخالق، وكان لا بد لهم من النفاق، كان تنبيه من نبَّه من الأئمة، كمالك وأحمد وأبي يوسف (٣) وغيرهم، على أن كلام هؤلاء جهل، وأن مآله


(١) رواه أحمد (١٧٢٢٥) وأبو داود (٣٦٤٤) وغيرهما من حديث أبي نملة الأنصاري رضي الله عنه، وقواه الألباني بشواهده في الصحيحة (٢٨٠٠). والحديث عند البخاري من حديث أبي هريرة، (٧٥٤٢) دون زيادة (فإما أن يحدثوكم … ).
(٢) بيان تلبيس الجهمية (٦/ ٢٩٤ - ٢٩٥).
(٣) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، أبو يوسف: صاحب الإمام أبي حنيفة، وتلميذه، وأول من نشر مذهبه، كان فقيها علامة، من حفاظ الحديث، ولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد، ومات في خلافته (ت: ١٨٢ هـ). انظر: وفيات الأعيان (٢/ ٣٠٣)، شذرات الذهب (١/ ٢٩٨).

<<  <   >  >>