للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه؛ باب وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك؛ ألن جناحك؛ وروى بسنده إلى بن عباس لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) } صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا وجعل ينادي يا بني فهر يا بني عدي؛ لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش؛ فقال أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيَّ قالوا نعم؛ ما جربنا عليك إلا صدقا قال إني نذير لكم بين عذب شديد؛ قال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) } وروى بسنده إلى أبي هريرة قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) } قال يا معشر قريش أو كلمة مثلها؛ اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا؛ يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا؛ يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا؛ ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا؛ ويا فاطمة بنت محمد ساليتي من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير سورة الشعراء ما نصه؛ يقول تعالى آمرا بعبادته وحده لا شريك له ومخبرا أن من أشرك به عذبه؛ ثم قال تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر عشيرته الأقربين الأدنين إليه وإنه لا يخلِّص أحدا منهم إلا إيمانه بربه عز وجل وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين؛ ومن عصاه من خلق الله كائنا من كان فليتبرأ منه؛ ولهذا قال: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) } وهذه النذارة الخاصة لا تنافي العامة بل هي فرض من أجزائها ومضى إلى أن قال: وقد وردت أحاديث كثيرة في نزول هذه الآية الكريمة ثم ذكر الحديث السابق من رواية الإمام أحمد ثم قال الحديث الثان؛ قال الإمام أحمد بسنده إلى عائشة قالت لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) } قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب؛ يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم) انفرد بإخراجه مسلم؛ ثم ذكر حديث أبي هريرة المتقدم ومن خرجه إلى أن قال أخرجاه في الصحيحين وهو الحديث الثالث فيما ذكر ابن كثير؛ ثم ذكر هذا الحديث نفسه بروايات مختلفة في الأسانيد والألفاظ متفقة في المعنى من حديث بن عمرو وعلي بن أبي طالب اهـ.

قال محمد تقي الدين: تعالوا نتأمل هذه الآية وما جاء في تفسيرها من امتثال النبي

<<  <   >  >>