للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الايداع]

كَانَ الْقيَاس أَن يَقُول كتاب الْوَدِيع بِدُونِ التَّاء، لانه فعيل بِمَعْنى مفعول وَفِيه يَسْتَوِي الْمُذكر والمؤنث، تَقول رجل جريح وَامْرَأَة جريح، وَإِنَّمَا عدل عَن الْقيَاس لانه جعل من عدد الاسماء تدخل عَلَيْهِ التَّاء كالذبيحة والنطيحة فَتكون للنَّقْل لَا للتأنيث.

نوح أَفَنْدِي.

وَأَصله أوداع وَقعت الْوَاو إِثْر كسرة قلبت يَاء فَصَارَ إِيدَاع اهـ.

سري الدّين.

وَاعْلَم أَن الْفُقَهَاء يبحثون عَن أَفعَال الْمُكَلف، لَكِن الْفُقَهَاء يعنون بعض الْكتب بهَا كَقَوْلِهِم كتاب النِّكَاح كتاب البيع وَالْهِبَة، وَفِي بَعْضهَا بِمَا يتَعَلَّق بِتِلْكَ الافعال ككتاب الْعَارِية والمأذون وَالْوَجْه فِيهِ غير ظَاهر در.

منتقى وَحفظ الامانة يُوجب سَعَادَة الدَّاريْنِ والخيانة توجب الشَّقَاء فيهمَا، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الامانة تجر الْغنى، والخيانة تجر الْفقر.

وَرُوِيَ أَنَّ زُلَيْخَا لَمَّا اُبْتُلِيَتْ بِالْفَقْرِ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهَا من الْحزن على يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَامَت لَهُ تُنَادِي: أَيُّهَا الْمَلِكُ اسْمَعْ كَلَامِي، فَوَقَفَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَتْ: الْأَمَانَةُ أَقَامَتْ الْمَمْلُوكَ مَقَامَ الْمُلُوك، والخيانة أَقَامَت الْمُلُوك مقَام الْمُلُوك، فَسَأَلَ عَنْهَا فَقيل إِنَّهَا زليخا، فَتَزَوجهَا مرحمة عَلَيْهَا انْتهى.

زَيْلَعِيّ والايداع والاستيداع بِمَعْنى.

وَفِي الْمغرب يُقَال: أودعت زيدا مَالا واستودعته إِيَّاه: إِذا دَفعته إِلَيْهِ ليَكُون عِنْده فَأَنا مُودع ومستودع بِالْكَسْرِ وَزيد مُودع ومستودع بِالْفَتْح وَالْمَال مُودع ومستودع: أَي وَدِيعَة اهـ.

ط بِزِيَادَة.

قَوْله: (وَهُوَ الامانة) قَالَ الزَّيْلَعِيّ: وَحكم الْوَدِيعَة الْحِفْظ على الْمُسْتَوْدع وَوُجُوب الاداء عِنْد الطّلب وصيرورة المَال أَمَانَة فِي يَده.

وَفِي الْعِنَايَة: وَجه مُنَاسبَة هَذَا الْكتاب لما تقدم قد مر فِي أول الاقرار، وَهُوَ أَن المَال الثَّابِت لَهُ إِن حفظه بِنَفسِهِ فَظَاهر، وَإِن بِغَيْرِهِ فوديعة ثمَّ ذكر بعده الْعَارِية وَالْهِبَة والاجارة للتناسب بالترقي من الادنى إِلَى الاعلى، لَان الْوَدِيعَة أَمَانَة بِلَا تمْلِيك شئ، وَالْعَارِية أَمَانَة مَعَ تمْلِيك الْمَنْفَعَة بِلَا عوض، وَالْهِبَة تمْلِيك عين بِلَا عوض والاجارة تمْلِيك الْمَنْفَعَة بعوض، وَهِي أَعلَى من الْهِبَة لانه عقد لَازم وَاللَّازِم أقوى وَأَعْلَى مِمَّا لَيْسَ بِلَازِم اهـ.

أَي فَكَانَ فِي الْكل الترقي من الادنى إِلَى الاعلى: فَأول الْغَيْث قطر ثمَّ ينسكب

قَوْله: (من الودع) فالمزيد مُشْتَقّ من الْمُجَرّد.

قَالَ فِي الدّرّ الْمُنْتَقى.

من ودع ودعا: أَي ترك وَكِلَاهُمَا مُسْتَعْمل فِي الْقُرْآن والْحَدِيث.

ذكره ابْن الاثير.

فَلَا يَنْبَغِي أَن يحكم بشذوذهما انْتهى.

وَفِي الزَّيْلَعِيّ: من الودع، وَهُوَ مُطلق التّرْك، وَمَا ذكره النُّحَاة من أَن الْعَرَب أماتوا مصدر يدع رده قَاضِي زَاده بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أفْصح الْعَرَب وَقد قَالَ لينتهين أَقوام عَن ودعهم الْجَمَاعَات أَو ليختمن على قُلُوبهم أَو ليكتبن من الغافلين أَي عَن تَركهم إِيَّاهَا، وَالْمرَاد من الْخَتْم فِي الحَدِيث أَن يحدث فِي

نُفُوسهم هَيْئَة تمرنهم على عدم نُفُوذ الْحق فِيهَا، كَذَا بِخَط شَيخنَا.

وَقَوله: ليختمن بِضَم الْيَاء التَّحْتِيَّة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبفتح الْمِيم أَيْضا.

وَقَوله: ليكتبن بِضَم الْيَاء التَّحْتِيَّة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق.

وبضم الْبَاء الْمُوَحدَة من تَحت.

كَذَا السماع من شَيخنَا أبي السُّعُود.

وَقَالَ تَعَالَى: * ((٩٣) مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى) * (الضُّحَى: ٣) قرئَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد.

قَوْله: (وَشرعا الخ) الانسب بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>