للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الدِّيات

قَدَّمَ الْقِصَاصَ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَصِيَانَةُ الْحَيَاةِ وَالْأَنْفُسِ فِيهِ أَقْوَى، وَالدِّيَةُ كَالْخَلَفِ لَهُ وَلِهَذَا تَجِبُ بالعوارض كالخطأ وَمَا فِي مَعْنَاهُ.

معارج.

قَوْلُهُ: (الدِّيَةُ فِي الشَّرْعِ إلَخْ) وَفِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ وَدَى الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ: إذَا أَعْطَى وَلِيَّهُ الْمَالَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ، وَالتَّاءُ فِي آخِرِهَا عِوَضٌ عَنْ الْوَاوِ فِي أَوَّلِهَا كَالْعِدَّةِ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ) زَادَ الْأَتْقَانِيُّ: أَوْ الطَّرَفِ.

قَوْلُهُ: (لَا تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ إلَخْ) كَذَا قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ رَادًّا عَلَى الزَّيْلَعِيِّ وَغَيره.

وَالْحَاصِل: أَنه مجَاز فِي اللُّغَة حَقِيقَة فِي الْعُرْفِ كَمَا قَالَ النَّحْوِيُّونَ فِي إطْلَاقِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَلْفُوظِ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ الْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ الْحَقِيقِيِّ، وَالْحَقَائِقُ لَا يُطْلَبُ لَهَا أَصْلٌ، وَبَيَانُ أَنَّهُ تَسْمِيَةٌ لِلْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ يُؤْذِنُ بِبَيَانِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْمَجَازِيِّ.

فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَرْشُ اسْمٌ لِلْوَاجِبِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى بَدَلِ النَّفْسِ وَحُكُومَةُ الْعَدْلِ.

قُهُسْتَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَرْبَاعًا) حَالٌ مِنْ مِائَةٍ أَوْ مِنْ الْإِبِلِ: أَيْ مُقَسَّمَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْآتِيَةِ رُبُعُ الْمِائَةِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ) هِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَبِنْتِ لَبُونٍ فِي الثَّالِثَةِ وَالْحِقَّةِ فِي الرَّابِعَةِ وَالْجَذَعَةِ فِي الْخَامِسَةِ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ لَا غَيْرُ) اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ هُنَا مُخْتَلِفَةُ الْمَفْهُومِ، فَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ لَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَالتَّغْلِيظُ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ التَّخْيِيرِ، وَظَاهِرُ الْوِقَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْغُرَرِ وَغَيْرِهَا أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ، وَبِه صرح فِي متن الْقَدُورِيّ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَثْبُتُ التَّغْلِيظُ إلَّا فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً، فَإِنْ قَضَى مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ لَمْ تَتَغَلَّظْ اه.

وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى التَّغْلِيظِ

فِيهَا: أَنَّهَا إذَا دُفِعَتْ مِنْ الْإِبِلِ تُدْفَعُ أَرْبَاعًا، بِخِلَاف دِيَة الْخَطَأ فَإِنَّهَا أَخْمَاسٌ.

وَفِي الْمَجْمَعِ: تَتَغَلَّظُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْإِبِلِ.

قَالَ شَارِحُهُ: حَتَّى لَوْ قَضَى بِالدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ لَمْ تُغَلَّظْ، وَكَذَا فِي دُرَر الْبحار وَشَرحه وغرر الْأَفْكَارِ وَفِي جِنَايَاتِ غَايَةِ الْبَيَانِ، وَتُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْإِبِلِ إذَا فُرِضَتْ الدِّيَةُ فِيهَا، فَأَمَّا غَيْرُ الْإِبِلِ فَلَا يُغَلَّظُ فِيهَا.

وَفِي الْجَوْهَرَةِ: حَتَّى أَنَّهُ لَا يُزَادُ فِي الْفِضَّةِ عَلَى عَشْرَةِ آلَافٍ وَلَا فِي الذَّهَبِ عَلَى أَلْفِ دِينَارِ.

وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الذَّهَبِ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ أَلْفُ دِينَارٍ، فَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ لَا تَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ.

قَالَ ط: وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّ الدِّيَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُ الْمِائَةِ مِنْ الْإِبِلِ، وَرَجَّحَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِبِلِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّغْلِيظِ فَائِدَةٌ، لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَخَفَّ فَتَفُوتُ حِكْمَةُ التَّغْلِيظِ اه.

أَقُولُ: مَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ لَمْ أَرَهُ فِي نُسْخَتِي فَلْيُرَاجَعْ، وَعَلَى ثُبُوتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ.

وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

قَوْله: (أَخْمَاسًا مِنْهَا وَمِنْ ابْنِ مَخَاضٍ) أَيْ تُؤْخَذُ الْمِائَةُ من الاربعة الْمَارَّة وَمن

<<  <  ج: ص:  >  >>