للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

من إِخْبَار عَدْلَيْنِ، وَضمير فِيهِ للْمَوْت وَترد للشَّهَادَة، وَضمير قَالَ للشَّاهِد، وَالله تَعَالَى أعلم.

قَالَ فِي الْقنية بعد أَن رقم لنجم الائمة البُخَارِيّ وَالْقَاضِي البديع: تقبل شَهَادَة الْمَدْيُون لرب الدّين.

وَفِي الْمُحِيط: وَلَا تقبل شَهَادَة رب الدّين لمديونه إِذا كَانَ مُفلسًا.

وشمس الائمة الْحلْوانِي ووالد صَاحب الْمُحِيط قَالَ: تقبل وَإِن كَانَ مُفلسًا.

وَفِي شرح الْجَامِع للعتابي: لَا تقبل بعد الْمَوْت لتَعلق حَقه بِالتَّرِكَةِ، وَكَذَا الْمُوصى لَهُ بِأَلف مُرْسلَة أَو شئ بِعَيْنِه لانه يزْدَاد بِهِ مَحل الْوَصِيَّة أَو سَلامَة عينه، ثمَّ رمز لقاضيخان وَقَالَ: إِنَّه يجوز شَهَادَته للحي دون الْمَيِّت، هَذَا خُلَاصَة مَا فِي الْقنية، وَقد ذكر فِيهَا فِي مَوضِع بعد أَن رقم لبرهان الدّين صَاحب الْمُحِيط: ادّعى الْكَفِيل عَلَيْهَا الْكفَالَة فأنكرت تقبل شَهَادَة البَائِع بكفالتها كرب الدّين إِذا شهد لمديونه.

وَحَاصِله الْقبُول إِذا كَانَ مُوسِرًا حَيا.

وَالْقَوْلَان فِي الْمُفلس وَعدم الْقبُول بعد الْمَوْت قولا وَاحِدًا لتَعلق حَقه بِالتَّرِكَةِ كالموصى لَهُ، لَكِن رَأَيْت فِي جَامع الْفَتَاوَى لحافظ الدّين البزازي تَقْيِيد الْجَوَاز بِمَا إِذا شهد بِمَا سوى جنس حَقه، وَهَذَا لَا إِشْعَار للنظم بِهِ كَمَا لَا إِشْعَار بالاختلاف فِي صُورَة الْمُفلس، بل مَفْهُوم عدم الْقبُول فِي انعدام الْحَيَاة واليسار.

وَالله تَعَالَى أعلم اه.

نقل الطَّحْطَاوِيّ عَن الْحَمَوِيّ أَن مَنْ صَارَ خَصْمًا فِي حَادِثَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَته فِيهَا، وَمن كَانَ بعرضية أَن ينْتَصب خصما وَلم ينْتَصب تقبل، وَشَهَادَة أجِير الوحد لاستاذه لَا تجوز فِي تِجَارَته وَغَيرهَا وَإِن كَانَ عدلا وَإِن كَانَ أجِير مياومة أَو مشاهرة أَو مسانهة اسْتِحْسَانًا، وَلَو مَضَت الاجارة وَأعَاد شَهَادَته تقبل، بِخِلَاف الاجير الْمُشْتَرك حَيْثُ تقبل شَهَادَته لانه غير مَمْلُوك لَا رَقَبَة وَلَا مَنْفَعَة، وَتجوز شَهَادَة الدَّائِن لمديونه وَلَو مُفلسًا بِمَا هُوَ من جنس دينه، وَلَو شهد لمديونه بعد مَوته لم تقبل.

لَان الدّين لَا يتَعَلَّق بِمَال الْمَدْيُون حَال حَيَاته وَيتَعَلَّق بِهِ بعد وَفَاته، وَتقبل شَهَادَة الْمَدْيُون لدائنه اه.

وَالله تَعَالَى أعلم.

بَاب الْقبُول وَعَدَمه

لما فرغ (١) من بَيَان مَا تسمع فِيهِ الشَّهَادَة وَمَا لَا تسمع، وَقدم ذَلِك على هَذَا لانه مَحل وَالْمحل مَشْرُوط وَالشّرط مقدم على الْمَشْرُوط.

ثمَّ معنى الْقبُول لُغَة يُقَال: قبلت القَوْل حَملته: على الصدْق.

كَذَا فِي الْمِصْبَاح.

قَوْله: (لصِحَّة الْفَاسِق) أَي لصِحَّة الْقَضَاء بِشَهَادَتِهِ: أَي وَقد ذكره مِمَّا لَا يقبل، وكما

يَصح الْقَضَاء بِشَهَادَتِهِ الْفَاسِق يَصح بِشَهَادَةِ الْأَعْمَى وَالْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ إذَا تَابَ وبشهادة أحد الزَّوْجَيْنِ مَعَ آخر لصَاحبه وبشهادة الْوَالِد لوَلَده وَعَكسه، حَتَّى لَا يَجُوزُ لِلثَّانِي إبْطَالُهُ وَإِنْ رَأَى بُطْلَانه اه.

بَحر عَن خزانَة الْمُفْتِينَ.

أَقُول: لَعَلَّه مَحْمُول على مَا إِذا كَانَ القَاضِي يرى ذَلِك، بِخِلَاف الْحَنَفِيّ بِقَرِينَة قَوْله حَتَّى لَا يجوز للثَّانِي الخ.

تَأمل.

وَاسْتظْهر الطَّحْطَاوِيّ.


(١)
قَوْله: (وَلما فرغ إِلَخ) هَكَذَا بالاصل وليحرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>