للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضمن، فَكَذَا إِذا لم يستردها فِي كلتا الْمَسْأَلَتَيْنِ خُصُوصا فِي مَسْأَلَة الْحَرِيق، فَإِن الثَّابِت بِالضَّرُورَةِ يتَقَدَّر بِقَدرِهَا، فَبعد زَوَال الْحَرِيق ارْتَفَعت الضَّرُورَة فَلم يستردها من الاجنبي فَكَأَنَّهُ أودعها إِيَّاه ابْتِدَاء، فَالصَّوَاب أَن يضمن فِي كلتا الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا ذكره صَاحب الْمُحِيط.

وَالله تَعَالَى أعلم.

وَفِي عدَّة الْفَتَاوَى: لَا يضمن بدفعها إِلَى جَاره لضَرُورَة كحريق.

قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي فَتَاوِيهِ: هَذَا لَو لم يجد بدا من الدّفع إِلَى أَجْنَبِي، أما لَو أمكنه الدّفع إِلَى من فِي عِيَاله ضمن بدفعها إِلَى أَجْنَبِي.

قَالَ الامام خُوَاهَر زَاده: هَذَا لَو أحَاط الْحَرِيق بالمنزل وَإِلَّا ضمن بدفعها إِلَى أَجْنَبِي اهـ.

وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ: لَا يشْتَرط هَذَا الشَّرْط فِي الْفَتْوَى.

تاترخانية فِي الْفَصْل الثَّانِي من الْوَدِيعَة.

قَوْله: (إِلَّا إِذا أمكنه الخ) أَي وَقت الحرق وَالْغَرق.

قَوْله: (أَو أَلْقَاهَا) أَي أَو ألْقى الْوَدِيعَة فِي السَّفِينَة فَوَقَعت فِي الْبَحْر يضمن، لانها قد تلفت بِفِعْلِهِ، وَإِن كَانَ ذَلِك بالتدحرج لانه مَنْسُوب إِلَيْهِ فَهُوَ كَفِعْلِهِ.

وَالظَّاهِر أَن قيد فِي السَّفِينَة سَاقِط من النساخ لوُجُوده فِي الاصل.

قَالَ الزَّيْلَعِيّ: هَذَا إِذا لم يُمكنهُ أَن يَدْفَعهَا إِلَى من هُوَ فِي عِيَاله، وَإِن أمكنه أَن يحفظها فِي ذَلِك الْوَقْت بعياله فَدَفعهَا إِلَى الاجنبي يضمن لانه لَا ضَرُورَة فِيهِ، وَكَذَا لَو أَلْقَاهَا فِي سفينة أُخْرَى وَهَلَكت قبل أَن تَسْتَقِر فِيهَا بِأَن وَقعت فِي الْبَحْر ابْتِدَاء بالتدحرج يضمن لَان الاتلاف حصل بِفِعْلِهِ اهـ.

قَوْله: (صدق) أَي بِيَمِينِهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِر.

أَبُو السُّعُود.

قَوْله: (أَي بدار الْمُودع) كَأَن هَذَا من قبيل الاحتباك وَأَصلهَا: أَي الحرق أَو الْغَرق.

وَقَوله: (بدار الْمُودع) رَاجع إِلَى الحرق وَحذف من الثَّانِي، أَو سفينته الرَّاجِع إِلَى الْغَرق لدلَالَة كل مَذْكُور على مَا حذف بإزائه، وَهَذَا على مَا نحاه الشَّارِح فِي شَرحه، وَأما على مَا بَينا من أصل عبارَة الزَّيْلَعِيّ فالامر ظَاهر، وَأما جَوْهَر الْمَتْن على أَنه يصدق إِن علم دَفعه لَهَا عِنْد خوف الحرق أَو الْغَرق بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ الَّذِي ذكره الشَّارِح بعد.

قَوْله: (وَإِلَّا يعلم الخ) .

وَحَاصِله: أَن صَاحب الْمَتْن ذكر أَنه لَا يصدق مدعي الدّفع للحرق أَو الْغَرق إِلَّا بِبَيِّنَة، وَالشَّارِح

صرف كَلَامه وَقَالَ: إِن علم ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ على وُقُوعه فِي دَاره وفلكه أغْنى عَن الْبَيِّنَة عَن الدّفع للخوف على نفس الْوَدِيعَة، وَإِن لم تقم الْبَيِّنَة على وُقُوع الحرق وَالْغَرق فِي دَاره وفلكه فَلَا بُد من الْبَيِّنَة على الدّفع لخوف ذَلِك على نفس الْوَدِيعَة، ثمَّ إِن الْغَرق كَمَا يخْشَى مِنْهُ على نفس السَّفِينَة قد يخْشَى مِنْهُ على نفس الدَّار إِذا كَانَت الْبيُوت مُتَّصِلَة بِطرف الْبَحْر أَو النَّهر أَو مجْرى السَّيْل، وَمثل خوف الحرق وَالْغَرق لَو خَافَ فَسَادهَا بخرير أسقفه من كَثْرَة الامطار وَعند وُقُوع النهب فِي دَاره وَدفعهَا إِلَى جَاره عِنْد توهم سلامتها عِنْده.

قَوْله: (فَحَصَلَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ التَّوْفِيقُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق) وَقد ذكر أَيْضا صَاحب الذَّخِيرَة عَن الْمُنْتَقى.

قَالَ المُصَنّف: فَإِن ادَّعَاهُ: أَي ادّعى الْمُودع التَّسْلِيم إِلَى جَاره أَو إِلَى فلك آخر صدق إِن علم وُقُوعه بِبَيِّنَة: أَي بَيِّنَة الْمُودع وَإِلَّا لَا: أَي وَإِن لم يعلم لَا يصدق.

وَفِي الْهِدَايَة وَشرح الْكَنْز للزيلعي أَنه لَا يصدق على ذَلِك إِلَّا بِبَيِّنَة، لَان تَسْلِيم الْوَدِيعَة إِلَى غَيره يُوجب الضَّمَان، وَدَعوى الضَّرُورَة دَعْوَى مسْقط فَلَا تقبل إِلَّا بِبَيِّنَة، كَمَا إِذا أتلفهَا فِي الصّرْف فِي حَاجته بِإِذن صَاحبهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>