للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى: فِيهِ نظر، لما فِي التَّجْنِيس أَنه لَو طلبَهَا بوكيله أَو رَسُوله فحبسها لَا يضمن فَتَأمل.

وَانْظُر إِلَى مَا ذكره بعيده من قَوْله: وَلَو بعلامة مِنْهُ يحْتَج بِأَنَّهُ إِنَّمَا مَنعه ليوصلها إِلَى الاصيل بِنَفسِهِ لتكذيبه إِيَّاه، وَفرع الْخُلَاصَة فِيهِ الْمَنْع للعجز عَن التَّسْلِيم وَالتّرْك والذهاب عَن رضَا إِلَى وَقت آخر، وَفِيه إنْشَاء إِيدَاع بِخِلَاف الاول، حَتَّى لَو كذبه فِي الْفَرْع الَّذِي تفقه فِيهِ مَعَ ذَلِك، وَالْمَسْأَلَة بِحَالِهَا لَا يضمن، فَتَأمل.

قَوْله: (وَلَو بعلامة مِنْهُ) لامكان إتْيَان غير الرَّسُول بِهَذِهِ الْعَلامَة إِلَّا أَن يبرهن أَنَّهَا لَهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَة وَغَيرهَا.

قَالَ فِي الْخَانِية: رجل أودع عِنْد إِنْسَان وَدِيعَة وَقَالَ فِي السِّرّ من أخْبرك بعلامة كَذَا وَكَذَا فادفع إِلَيْهِ الْوَدِيعَة، فجَاء رجل وَبَين تِلْكَ الْعَلامَة فَلم يصدقهُ الْمُودع حَتَّى هَلَكت الْوَدِيعَة، قَالَ أَبُو الْقَاسِم: لَا ضَمَان على الْمُودع.

اهـ.

وَفِي حَاشِيَة جَامع الْفُصُولَيْنِ للخير الرَّمْلِيّ: وَهل يَصح هَذَا التَّوْكِيل وَلَا يضمن الْمُودع بِالدفع أم لَا يَصح لكَون الْوَكِيل مَجْهُولا وَيضمن بِالدفع؟ قَالَ الزَّاهدِيّ فِي حاويه رامزا: فِيهِ تَفْصِيل، لَو كَانَا عِنْد ذَلِك الِاتِّفَاق بمَكَان لَا يُمكن لَاحَدَّ من النَّاس اسْتِمَاع كَلَامهمَا فالدفع لمن جَاءَ إِلَيْهِ بِتِلْكَ الْعَلامَة، وَأما

استماعه ذَلِك من أَجْنَبِي فنادر، وَإِن كَانَ عِنْد ذَلِك بمَكَان فِيهِ أحد من النَّاس مِمَّن يفهم اتِّفَاقهمَا على ذَلِك أَو بمَكَان يُمكن فِيهِ لَاحَدَّ اسْتِمَاع اتِّفَاقهمَا إِلَى ذَلِك خُفْيَة وهما لَا يريانه فالوكالة بَاطِلَة وَالدَّفْع مضمن.

اهـ.

هَذَا مَا نَقله الرَّمْلِيّ.

قلت: كثيرا مَا يَقع أَن الْمَالِك بعد اتفاقه مَعَ الْمُودع على ذَلِك يبْعَث رجلا بِتِلْكَ الْعَلامَة فيسمعه آخر فَيَسْبق الاول ويخبر الْمُودع بِتِلْكَ الْعَلامَة.

وَقد يُقَال: إِن هَذَا لَا يُنَافِي صِحَة التَّوْكِيل بعد وجود شَرطه الْمُتَقَدّم عِنْد اتِّفَاق الْمَالِك مَعَ الْمُودع: وَالظَّاهِر أَن الْمَالِك إِذا قَالَ لم أذكر الْعَلامَة لهَذَا الرجل الَّذِي جَاءَ وَإِنَّمَا ذكرتها لغيره أَن يكون القَوْل لَهُ لانه مُنكر فَيضمن الْمُودع، فَتَأمل وَالله تَعَالَى أعلم.

أَفَادَهُ سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى

قَوْله: (على الظَّاهِر) أَي ظَاهر الْمَذْهَب، وَهُوَ رَاجع إِلَى الْوَكِيل وَالرَّسُول، وَقَالَ الثَّانِي يضمن كَمَا فِي الْهِنْدِيَّة، وَقد اخْتلفت الْفَتَاوَى فِي هَذَا، وَقد علمت الْمُعْتَمد.

قَوْله: (ضمن) إِن ضَاعَت لوُجُود التَّعَدِّي بِمَنْعه لانه صَار غَاصبا، وَهَذَا لانه لما طَالبه لم يكن رَاضِيا بإمساكه بعده فيضمنهما بحبسه عَنهُ.

داماد.

قَالَ فِي الْبَحْر: وَلَو قَالَ لَهُ بعد طلبه اطلبها غَدا ثمَّ ادّعى ضياعها، فَإِن قَالَ ضَاعَت بعد الاقرار لَا ضَمَان، وَإِلَّا ضمن انْتهى.

قَالَ سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى: قَوْله بعد الاقرار: أَي الاقرار ضمنا فِي قَوْله اطلبها غَدا، وَقَوله بعد الاقرار ظرف لضاعت لَا لقَالَ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: طَلَبَهَا رَبُّهَا فَقَالَ اُطْلُبْهَا غَدا فَقَالَ فِي الْغَد تلفت، فَلَو قَالَ تلفت قبل قولي اطلبها غَدا ضمن، لَا لَو قَالَ بعده للتناقض فِي الاول لَا الثَّانِي.

قَالَ رَبهَا: ادفعها إِلَى قني هَذَا فطلبها فَأبى أَو قَالَ غَدا يضمن اهـ.

أَي لانه كَأَنَّهُ وكل قنه بِحَضْرَة الْمُودع وَالْوَكِيل لَا يملك ابْتِدَاء الايداع فِي قَوْله غَدا انْتهى.

وَالْمَسْأَلَة فِي الْخَانِية أَيْضا.

قَوْله: (بِأَن كَانَ عَاجِزا) أَي عَجزا حسيا كَأَن لَا يَسْتَطِيع الْوُصُول إِلَى مَحل الْوَدِيعَة أَو معنويا، وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله أَو خَافَ على نَفسه: أَي من ظَالِم أَن يقْتله أَو دائن أَن يحْبسهُ وَهُوَ غير قَادر على الْوَفَاء أَو كَانَت

<<  <  ج: ص:  >  >>