للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَقَلَ فِي الْمِنَحِ قَبْلَهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ ضَمَانَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ بِدُونِ تَفْصِيلٍ، لَكِنَّهُ مُتَابِعٌ فِي النَّقْلِ

عَنْ الْخُلَاصَةِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ وَفِيمَا نَقله سقط كَمَا قدمْنَاهُ قَرِيبا، فَإِنَّ مَا رَأَيْته فِي الْخُلَاصَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْعمادِيَّة فَتنبه.

وأصل الْعبارَة: قضى عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم الْجُحُود، فَإِن قَالَ الشُّهُود لَا نعلم قِيمَته يَوْم الْجُحُود لَكِن قِيمَته يَوْم الايداع كَذَا قضى عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم الايداع.

وَعبارَة الْعمادِيَّة: أَنه لَو جحد الْوَدِيعَة وَهَلَكت ثمَّ أَقَامَ الْمُودع بَيِّنَة على قيمتهَا يَوْم الْجُحُود يقْضِي بِقِيمَتِهَا يَوْم الْجُحُود، وَإِن لم يعلم قيمتهَا يَوْم الْجُحُود يقْضِي بِقِيمَتِهَا يَوْم الايداع، يَعْنِي إِذا أثبت الْوَدِيعَة.

كَذَا ذكره فِي الْعدة اهـ.

وَلذَلِك تعقب الْعَلامَة الْمَقْدِسِي صَاحب الْبَحْر بِأَن الَّذِي فِي الْخُلَاصَة يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه الخ.

قَوْله: (وَإِلَّا فَيوم الايداع) قَالَ مؤيد زَاده: إِن لم تعلم قيمَة الْوَدِيعَة يَوْم الْجُحُود يقْضِي بِقِيمَتِهَا يَوْم الايداع.

قَوْله: (بِخِلَاف مضَارب جَحَدَ) أَيْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ لي شَيْئا.

قَوْله: (ثمَّ اشْترى) أَي بعد مَا أَقَرَّ وَرَجَعَ عَنْ الْجُحُودِ، بِأَنْ قَالَ بَلَى قَدْ دَفَعْت إلَيَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بعد الشِّرَاء فَيضمن الْمَتَاع لَهُ.

منح عَن الْخَانِية.

قَوْله: (لم يضمن خَانِية) عبارتها كَمَا فِي الْمنح: الْمضَارب إِذا قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا ثمَّ قَالَ بلَى قد دفعت إِلَيّ ثمَّ اشْترى بِالْمَالِ ذكر الناطفي أَن المُشْتَرِي يكون على الْمُضَاربَة، وَإِن ضَاعَ المَال فِي يَده بعدا لجحود وَقبل الشِّرَاء فَهُوَ ضَامِن وَالْقِيَاس أَن يضمن على كل حَال.

وَفِي الِاسْتِحْسَان: إِن جحد ثمَّ أقرّ ثمَّ اشْترى برِئ عَن الضَّمَان، وَإِن جَحدهَا ثمَّ اشْترى ثمَّ أقرّ فَهُوَ ضَامِن وَالْمَتَاع لَهُ، وَكَذَا الْوَكِيل بشرَاء شئ بِغَيْر عينه بِأَلف وَدفع الْمُوكل المَال إِلَى الْوَكِيل، فَإِن كَانَ العَبْد معينا فَاشْتَرَاهُ فِي حَالَة الْجُحُود أَو بَعْدَمَا أقرّ فَهُوَ للْآمِر.

وَلَو دفع رجل عبدا إِلَى رجل ليَبِيعهُ فَجحد الْمَأْمُور ثمَّ أقرّ بِهِ فَبَاعَهُ قَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة جَازَ وَيبرأ عَن الضَّمَان، وَقَالَ غَيره من الْمَشَايِخ فِي قِيَاس قَوْله وَلَو بَاعه بعد الْجُحُود ثمَّ أقرّ جَازَ أَيْضا.

اهـ.

وَبِهَذَا يعلم مَا فِي عِبَارَته من حذف مَا لَا بُد مِنْهُ وَهُوَ قَوْله ثمَّ أقرّ ثمَّ اشْترى الخ.

فَتَأمل.

وَعَلِيهِ فَلَو قَالَ بِخِلَاف مضَارب جحد ثمَّ أقرّ ثمَّ اشْترى لم يضمن لاصاب.

قَوْله: (وَالْمُودع لَهُ السّفر بهَا) أَي برا، وَأَجْمعُوا أَنه لَو سَافر بهَا بحرا يضمن هندية عَن غَايَة الْبَيَان.

قَالَ فِي الْبَحْر: وَمن الْمخوف السّفر بهَا فِي الْبَحْر لَان الْغَالِب فِيهِ العطب.

اهـ.

وَعَزاهُ للاختيار.

وَتعقبه الْمَقْدِسِي بحثا مِنْهُ رَحمَه الله تَعَالَى بِأَن من الْمُقَرّر أَن النَّادِر لَا حكم لَهُ، فَلَو العطب قَلِيلا والسلامة أغلب فَلَا ضَمَان سَوَاء سَافر برا أَو بحرا، وَبِالْعَكْسِ يضمن، يعْمل ذَلِك من هُنَا وَمن قَوْلهم للْمُضَارب السّفر برا أَو بحرا، وَمن قَوْلهم يجب الْحَج إِذا كَانَ الاغلب السَّلامَة وَلَو بحرا، وَهَذَا يخْتَلف باخْتلَاف الزَّمَان وَالْمَكَان كَمَا هُوَ مشَاهد فَتدبر انْتهى.

وَأجِيب أَيْضا بِأَن التَّقْيِيد مُسْتَفَاد من تَعْلِيله.

اهـ.

أَقُول: وَحَيْثُ كَانَت الْعلَّة الْخَوْف وَهُوَ أَيْضا مُنْتَفٍ بسفينة التُّجَّار فِي زَمَاننَا الْمَعْرُوفَة بالبابور فَإِن الْغَالِب فِيهَا السَّلامَة، لَان التُّجَّار الْآن لَا تطمئِن قُلُوبهم فِي إرْسَال أَمْوَالهم إِلَّا بهَا بحرا، وَإِذا انْتَفَت الْعلَّة انْتَفَى الْمَعْلُول.

على أَنا قدمنَا وَيَأْتِي أَن الْعبْرَة فِي حفظ الْوَدِيعَة الْعرف، وَحَيْثُ كَانَ الْعرف كَذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>