كَذَلِك.
سائحاني
قَوْله: (وتارك نشر الصُّوف صيفا الخ) قد اشْتَمَل البيتان على مَسْأَلَتَيْنِ من الظَّهِيرِيَّة.
قَالَ فِي كتاب الْوَدِيعَة: إِذا أفسدها الفأر وَقد اطلع الْمُودع على ثقب مَعْرُوف، إِن كَانَ أخبر صَاحب الْوَدِيعَة أَن هَاهُنَا ثقب الفأر فَلَا ضَمَان، وَإِن لم يُخبرهُ بَعْدَمَا اطلع عَلَيْهِ وَلم يسده ضمن، وَهِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة.
والاولى مَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّة عَن السَّيِّد الامام أبي الْقَاسِم أَن الانسان إِذا استودع عِنْده مَا يَقع فِيهِ السوس فِي زمَان الصَّيف فَلم يبردها فِي الْهَوَاء حَتَّى وَقع السوس وَفَسَد لَا يضمن، وَهَذَا علم من صُورَة النّظم إِلَّا أَنه يعلم من ذَلِك الحكم فِي نَظِيره.
انْتهى مَا ذكره ابْن الشّحْنَة.
قَالَ فِي الْهِنْدِيَّة: الْوَدِيعَة إِذا أفسدتها الْفَأْرَة وَقد اطلع الْمُودع على ثقب ب الْفَأْرَة، إِن أخبر صَاحبهَا أَن هَاهُنَا ثقب الْفَأْرَة لَا ضَمَان عَلَيْهِ، وَإِن لم يخبر بَعْدَمَا اطلع عَلَيْهِ وَلم يسده يضمن.
كَذَا فِي الْفُصُول الْعمادِيَّة.
وَذكر بعْدهَا عبارَة الظَّهِيرِيَّة.
ثُمَّ قَالَ: وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ: إذَا كَانَت الْوَدِيعَة شَيْئا يخَاف عَلَيْهِ الْفساد وَصَاحب الْوَدِيعَة غَائِب: فَإِن رفع الامر إِلَى القَاضِي حَتَّى يَبِيعهُ جَازَ وَهُوَ الاولى، وَإِن لم يرفع حَتَّى فَسدتْ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لانه حفظ الْوَدِيعَة على مَا أَمر بِهِ.
كَذَا فِي الْمُحِيط.
وَإِن لم يكن فِي الْبَلَد قَاض بَاعهَا وَحفظ ثمنهَا لصَاحِبهَا.
كَذَا فِي السراج الْوَهَّاج انْتهى.
قَوْله: (فعث) العث بِالْمُثَلثَةِ: السوس أَو الارضة وَهِي دويبة تَأْكُل الصُّوف.
قَوْله: (لم يضمن) لانه حفظ الْوَدِيعَة كَمَا أَمر بِهِ.
مُحِيط.
وَيضمن بتَشْديد الْمِيم.
قَوْله: (وقرض الفأر) الْحَاصِل أَنه إِذا أودعهُ الْوَدِيعَة فوضعها فِي مَحل لَا ثقب فِيهِ فقرضها الفأر أَو أحرقتها النَّار أَو أَصَابَهَا بخس بِالْبَاء الْمُوَحدَة بالتحتية ثمَّ الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي نقص، أَو أَصَابَهَا نخس بالنُّون ثمَّ الْخَاء: أَي ثقب متسع فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ.
وَأما إِذا كَانَ فِي الْمَكَان الْمَوْضُوع فِيهِ
الْوَدِيعَة ثقب قد اطلع عَلَيْهِ الْمُودع: إِن أخبر صَاحبهَا بِهِ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ، وَإِن لم يُخبرهُ وَلم يسده يضمن.
أَفَادَهُ صَاحب الْهِنْدِيَّة
قَوْله: (بِالْعَكْسِ يُؤثر) أَي بِالْخِلَافِ.
قَوْله: (وَلم يعلم) الْوَاو بِمَعْنى أَو، فَيَنْتَفِي عَنهُ الضَّمَان بسده أَو بإعلام الْمَالِك بِهِ وَإِن لم يسده، لَان الْمَالِك حِينَئِذٍ رَضِي بِوَضْعِهِ فِيهِ على هَذَا الْحَال وَيعلم بِضَم الْيَاء.
قَوْله: (وَيَنْبَغِي تَفْصِيله) الْبَحْثُ لِلطَّرَسُوسِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا التَّفْصِيلُ لِأَنَّ الْأَمْرَ دَائِرٌ بَيْنَ الْإِعْلَامِ للْمُودع أَو السد بِدُونِهِ وَهُوَ مَوْجُود أَو ارْتَضَاهُ.
عبد الْبر وَأقرهُ الشُّرُنْبُلَالِيّ.
تَتِمَّة فِي ضَمَان الْمُودع بِالْكَسْرِ فِي قاضيخان: مُودَعٌ جَعَلَ فِي ثِيَابِ الْوَدِيعَةِ ثَوْبًا لِنَفْسِهِ فَدَفَعَهَا إلَى رَبِّهَا وَنَسِيَ ثَوْبَهُ فِيهَا فَضَاعَ عِنْده ضمن لِأَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ وَالْجَهْلُ فِيهِ لَا يَكُونُ عُذْرًا: قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: يَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ الْمَسْأَلَةُ بِمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ وَضَاعَ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَلَا سَبَبَ لِلضَّمَانِ أَصْلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْجَهْلُ فِيهِ لَا يَكُونُ عُذْرًا لَيْسَ على إِطْلَاقه، وَالله تَعَالَى أعلم.
اهـ.
مُلَخصا.
قَالَ فِي السِّرَاجِيَّة: مُؤنَة الرَّد على الْمَالِك لَا على الْمُودع، وَإِن نقلهَا فِي بَلَده من محلّة فمؤنة الرَّد على صَاحبهَا بالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا إِذا سَافر فِيمَا يجوز لَهُ السّفر بهَا تكون الاجرة على الْمَالِك سراج: أَي أُجْرَة الرَّد كَمَا يُؤْخَذ من سابقه.