يَضْطَرِبُ اضْطِرَابَ الْمَوْتِ مِنْ الشَّقِّ فَالْحَيَاةُ فِيهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ أَصْلًا فَهُوَ مَيِّتٌ حُكْمًا فَلِذَا كَانَ الْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا وَجَدَ مَا يَقْطَعُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: لِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِمَوْتِهِ فَيُحَالُ الْمَوْتُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْطَعُهُ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ وَالْبُرْءِ مِنْهُ اه.
وَالْحَزُّ بِالْمُهْمَلَةِ فَالْمُعْجَمَةُ: الْقَطْعُ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلْجُرْحِ.
قَوْلُهُ: (وَقَدَّمْنَا إلَخْ) أَيْ فِي هَذَا الْفَصْلِ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى قَاطِعٍ آخَرَ.
قَوْلُهُ: (ضَمِنَ زَيْدٌ ثُلُثَ الدِّيَةِ فِي مَاله) لَان الْعَاقِلَة لَا تتحمل لعمد وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَصَّ لِمَا مَرَّ، وَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكٍ مِنْ قِصَاصٍ بقتْله لعدم تجزيه.
قَوْلُهُ: (فَصَارَتْ ثَلَاثَةَ أَجْنَاسٍ) فَكَأَنَّ
النَّفْسَ تَلِفَتْ بِثَلَاثَة أَفعَال، فالتلف بِفِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ.
هِدَايَةٌ
قَوْلُهُ: (وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ التَّعْلِيلِ.
قَوْلُهُ: (لِيَكُونَ فِعْلُهُ إلَخْ) إذْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَهُدِرَ فِي الدَّارَيْنِ كَفِعْلِ الْأَسَدِ، فَيَكُونُ عَلَى زَيْدٍ نِصْفُ الدِّيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ لَوْ تَعَدَّدَ قَاتِلُهُ) بِأَنْ كَانَ مَعَ زَيْدٍ غَيْرُهُ فَيَشْتَرِكُ هُوَ وَغَيره فِي الثُّلُث.
أَقُول: ذكر فِي متفرقات التاترخانية: لَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ جِرَاحَةً وَجَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً ثُمَّ انْضَمَّ إلَيْهِ مَا هُوَ هَدَرٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَثُلُثُهَا هَدَرٌ اه.
وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ قُبَيْلَ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ.
وَفِي تَكْمِلَةِ الطُّورِيِّ: وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ وَجَرَحَهُ آخَرُ وَجَرَحَ هُوَ أَيْضًا نَفْسَهُ وَافْتَرَسَهُ سَبُعٌ ضَمِنَ الْقَاطِعُ رُبُعَ الدِّيَةِ وَالْجَارِحُ رُبُعَهَا لِأَنَّ النَّفْسَ تَلِفَتْ بِجِنَايَاتٍ أَرْبَعَةٍ ثِنْتَانِ مِنْهَا مُعْتَبَرَتَانِ اه.
وَمِثْلُهُ يَأْتِي مَتْنًا آخِرَ بَابِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الطَّرِيقِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْبَعَةً لِحَفْرِ بِئْرٍ فَوَقَعَتْ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ سَقَطَ الرُّبُعُ وَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ الرُّبُعُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَنْقُول خلاف مَا ذكره، فَتنبه.
أَقُول: يؤخد مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا فِيمَنْ جَرَحَ صَبِيًّا بِسِكِّينٍ فِي بَطْنِهِ، فَظَهَرَ بعض أمعائه فجِئ لَهُ بِمَنْ يَخِيطُ الْجُرْحَ وَيَرُدُّ الْأَمْعَاءَ فَلَمْ يكمنه ذَلِكَ إلَّا بِتَوْسِيعِ الْجُرْحِ، فَأَذِنَ لَهُ أَبُو الصَّبِيِّ بِذَلك فَفَعَلَ ثُمَّ مَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الْجَارِحِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْآخَرَ مَأْذُونٌ بِهِ فَكَانَ هَدْرًا كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ قَتْلُ مَنْ شَهَرَ سَيْفًا) شَهَرَ سَيْفَهُ كَمَنَعَ وَشَهَرَهُ: انْتَضَاهُ فَرَفَعَهُ عَلَى النَّاسِ.
قَامُوسٌ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ يَجِبُ وَشَهَرَ.
وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا، قَالَ: حق على الْمُسلمين أَن يقتلوه وَلَا شئ عَلَيْهِمْ اه.
وَذَكَرَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الْحَيِّ بَحْثًا أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ كَالْمُسْلِمِينَ.
قَوْله: (يَعْنِي فِي الْحَال) أَي حَالِ شَهْرِهِ السَّيْفَ عَلَيْهِمْ قَاصِدًا ضَرْبَهُمْ لَا بَعْدَ انْصِرَافِهِ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْكَمَالِ) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ حَالًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ