بِالْوَكْزِ فَذَهَبَتْ عَيْنُ أَحَدِهِمَا يُقَادُ لَوْ أَمْكَنَ لانه عمد، وَإِن قَالَ كل مِنْهُمَا للاخر: دَهٍ دَهٍ، وَكَذَا لَوْ بَارَزَا عَلَى وَجْهِ الْمُلَاعَبَةِ أَوْ التَّعْلِيمِ فَأَصَابَتْ الْخَشَبَةُ عَيْنَهُ فَذَهَبَتْ يُقَادُ إنْ أَمْكَنَ اه.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ: أَقُولُ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ: قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِد لصَاحبه: دَهٍ وَوَكَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَكَسَرَ سِنَّهُ فَلَا شئ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا.
كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ اه.
وَاَلَّذِي ظَهَرَ فِي وَجْهِ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَيْسَ لَازِمِ قَوْلِهِ: دَهٍ دَهٍ إبَاحَةُ عَيْنِهِ لِاحْتِمَالِ السَّلَامَةِ مَعَ الْمُضَارَبَةِ بِالْوَكْزَةِ كَاحْتِمَالِهَا مَعَ رَمْيِ السَّهْمِ فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ: ارْمِ السَّهْمَ إلَيَّ قَوْله: دَهٍ دَهٍ صَرِيحًا فِي إتْلَافِ عُضْوِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: اقْطَعْ يَدِي أَوْ اجْنِ عَلَيَّ فَلَمْ يَصِحَّ قِيَاسُ الْوَاقِعَةِ عَلَيْهِ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ الْأَطْرَافَ كَالْأَمْوَالِ يَصِحُّ الْأَمْرُ فِيهَا.
تَأَمَّلْ.
اه.
قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ الْقَاتِلِ) وَكَذَا لِلْقَاتِلِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ.
أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ.
وَانْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِي الصُّورَتَيْنِ؟ ط.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ السُّقُوطِ، إذْ لَا مَعْنَى لِعَدَمِ جَوَازِهِ إلَّا ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عَفْوُ الْوَلِيِّ عَنْ الْقَاتِلِ أَفْضَلُ) وَيَبْرَأُ الْقَاتِلُ فِي الدُّنْيَا عَنْ الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ لِأَنَّهُمَا حَقُّ الْوَارِثِ.
بِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لَا تَصِحُّ تَوْبَةُ الْقَاتِلِ حَتَّى يُسْلِمَ نَفْسَهُ للقود) أَي لَا تكفيه التَّوْبَة وَحدهَا.
قَالَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ: وَاعْلَمْ أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاتِل لَا تكون بالاستغفار والندامة فقد بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إرْضَاءِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ كات الْقَتْلُ عَمْدًا لَا بُدَّ أَنْ يُمَكِّنَهُمْ مِنْ الْقصاص مِنْهُ، فَإِن شاؤوا قَتَلُوهُ، وَإِن شاؤوا عَفَوْا عَنْهُ مَجَّانًا، فَإِنْ عَفَوْا عَنْهُ كَفَتْهُ التَّوْبَةُ اه مُلَخَّصًا.
وَقَدَّمْنَا آنِفًا أَنَّهُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ يَبْرَأُ فِي الدُّنْيَا، وَهَلْ يَبْرَأُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؟ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الطَّالِبُ وَأَبْرَأَتْهُ الْوَرَثَةُ يَبْرَأُ فِيمَا بَقِيَ، أَمَّا فِي ظُلْمِهِ الْمُتَقَدِّمِ لَا يَبْرَأُ، فَكَذَا الْقَاتِلُ لَا يَبْرَأُ عَنْ ظُلْمِهِ وَيبرأ عَن الْقصاص وَالدية.
تاترخانية.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظُّلْمَ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَقْتُولِ بِهِ، وَأَمَّا ظُلْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَيَسْقُطُ بِهَا.
تَأَمَّلْ.
وَفِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ قَتَلَ مَظْلُومًا فَاقْتَصَّ وَارِثُهُ أَوْ عَفا عَن الدِّيَة
أَو مجَّانا هَل على الْقَاتِل بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبَةٌ فِي الْآخِرَةِ؟ الْجَوَابُ: ظَوَاهِرُ الشَّرْعِ تَقْتَضِي سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ فِي الْآخِرَةِ اه.
وَكَذَا قَالَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ: ظَاهِرُ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ.
وَقَالَ فِي مُخْتَارِ الْفَتَاوَى: الْقِصَاصُ مُخَلِّصٌ مِنْ حَقِّ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَمَّا الْمَقْتُولُ فَيُخَاصِمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ بِالْقِصَاصِ مَا حَصَلَ فَائِدَةٌ لِلْمَقْتُولِ وَحَقُّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ اه.
وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا اسْتَظْهَرْتُهُ.
قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ الْفُقَهَاءُ) أَيْ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ فَيُشْتَرَطُ الْإِمَامُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ دُونَ الْقِصَاصِ.
حَمَوِيٌّ.
قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ قِصَاصًا، قَضَى القَاضِي بِهِ أَو لم يقْض اه.
قَوْله: (يجوز