رَبَطَهُ وَالْقِطَارُ سَائِرٌ وُجِدَ مِنْ الرَّابِطِ الْإِذْنُ دَلَالَةً بِقَوْدِ الْمَرْبُوطِ، فَلِذَا رَجَعُوا عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ سَبَبًا.
كِفَايَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَرْسَلَ بَهِيمَةً إلَخْ) اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ بَيْنَ إرْسَالِ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ فَرْقًا، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أُرْسِلَ الْكَلْبُ وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا لَهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَصَابَ فِي فَوْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ اتِّبَاعُهُ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا تَعَدَّى، وَلَوْ أَرْسَلَ دَابَّةً يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا، سَوَاءٌ سَاقَهَا أَوْ لَا، لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِإِرْسَالِهَا فِي الطَّرِيقِ مَعَ إِمْكَان اتباعها.
أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيِّ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اه.
فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالْكَلْبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَهُ الْكَلْبُ فِي فَوْرِهِ، إلَّا إذَا سَاقَهُ، وَمَا أَصَابَتْهُ الدَّابَّةُ فِي فَوْرِهَا يَضْمَنُهُ مُطلقًا، وَبِه ظهر أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الضَّمَانِ السَّوْقَ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْكَلْبِ.
وَلِذَا فَسَّرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْبَهِيمَةَ بِالْكَلْبِ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ أَخِيرًا، لَكِنَّ قَوْلَهُ: أَوْ كَلْبًا لَا يُنَاسِبُهُ خُصُوصًا مَعَ قَوْله الْآتِي
: المارد بِالدَّابَّةِ الْكَلْبُ.
قَوْلُهُ: (فَسَائِقٌ حُكْمًا) لِأَنَّ سَيْرَهَا مُضَاف إِلَيْهِ مَا دَامَت تسير على سننها، وَلَوْ انْعَطَفَتْ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً انْقَطَعَ حُكْمُ الْإِرْسَالِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ آخَرُ سِوَاهُ، وَكَذَا إذَا وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ.
وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ رَدَّهَا رَادٌّ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ فِي فِعْلِهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَائِقٌ لَهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى سَائِقِهَا إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ.
أَتْقَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَالْمُرَادُ بِالسَّوْقِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَكَانَ خَلْفَهَا سَائِقًا لَهَا وَالْمُتَبَادِرُ من عبارتهم أَنَّهُ الْمَشْيُ خَلْفَهَا، وَإِنْ لَمْ يَطْرُدْهَا، وَنَقَلَ الْمَكِّيُّ عَنْ مُلَّا عَلَيَّ تَقْيِيدِهِ بِطَرْدِهِ إيَّاهَا ط.
مُلَخصا.
قُلْت: وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ: يُرِيدُ بِهِ إذَا أَرْسَلَهُ وَضَرَبَهُ أَوْ زَجَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ لَهُ سَائِقًا.
قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالدَّابَّةِ) الْأَوْلَى الْبَهِيمَةُ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ وَالزَّيْلَعِيِّ، وَقَدْ عَلِمْت وَجْهَ هَذَا التَّفْسِيرِ وَمَا فِيهِ.
قَوْله: (سَاقه أَو لَا) لَان بدنه لَا يحْتَمل السُّوق فَلَو يُعْتَبَرْ، بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ دَابَّةً أَوْ كَلْبًا وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا لَهُ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَصَابَ الْكَلْبُ شَيْئًا فِي فَوْرِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْسِلُ، بِخِلَافِ الدَّابَّةِ.
نِهَايَةٌ.
وَقَدَّمْنَا وَجْهَ الْفَرْقِ وَأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ الشَّارِحِ قَوْلَهُ: أَوْ دَابَّةً.
قَوْلُهُ: (أَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ) وَلَوْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ.
أَتْقَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَيْلًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ ذَهَبَتْ لَيْلًا ضَمِنَ، لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُهَا فِيهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ.
وَتَمَامُهُ فِي الْمِعْرَاجِ.
قَوْلُهُ: (الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ) أَيْ فِعْلُهَا إذَا كَانَتْ مُنْفَلِتَةً، وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَالْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ ط.
وَالْعَجْمَاءُ غَلَبَ عَلَى الْبَهِيمَةِ.
مُغْرِبٌ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُنْفَلِتَةُ) تَقْيِيدٌ لِلْعَجْمَاءِ لَا تَفْسِيرٌ لَهَا كَمَا لَا يَخْفَى اه ح.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَسُوقَةَ وَالْمَرْكُوبَةَ وَالْمَقُودَةَ فِي