قَوْله: (وَقَالَ مُحَمَّد تصرف لوجوه الْبِرِّ) قَدَّمْنَا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ: أَي لانه وَإِن كَانَ كل شئ لِلَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ الْمُرَادَ التَّصَدُّقُ لِوَجْهِهِ تَعَالَى تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أَوْصَيْت إلَخْ) وَكَذَا أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي وَهُوَ أَلْفٌ، فَلَهُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ ألف غير مُحْتَاج إِلَيْهِ،
ولولوالجية.
وَكَذَا أَوْصَيْت بِنَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَهُوَ الثُّلُث فَإِذا تصيبه النِّصْفُ فَهُوَ لَهُ، أَوْ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ وَهُوَ كُرُّ طَعَامٍ فَإِذَا فِيهِ أَكْثَرُ أَوْ كُرُّ حِنْطَةِ أَوْ شَعِيرٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمُشَارٍ إلَيْهِ ثُمَّ قَدَّرَهُ صَحَّ وَافَقَ الْمِقْدَارَ أَوْ لَا، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ أَضَافَ الْإِيجَابَ وَالتَّمْلِيكَ إلَى الثُّلُثِ مُطْلَقًا، وَإِلَى جَمِيعِ مَا فِي الْكِيسِ فَصَحَّتْ الْإِضَافَةُ، إلَّا أَنَّهُ غَلَطٌ فِي الْحِسَابِ، فَلَا يَقْدَحُ فِي الْإِيجَابِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِقْدَارًا مَعْلُومًا فَانْصَرَفَ إلَى الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ.
وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّة.
فارجعه.
قَوْلُهُ: (إذَا مِتُّ) بِضَمِّ التَّاءِ.
قَوْلُهُ: (صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَصِيَّةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ هَذَا، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْقنية صَحَّ وَصِيَّة فوصية بِالتَّنْوِينِ مَنْصُوب عل التَّمْيِيزِ: أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْرَاءٍ بَلْ هُوَ وَصِيَّةٌ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مَوْتِ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إنْ مِتّ إلَخْ) عَزَاهُ فِي مُخْتَصَرِ الْقُنْيَةِ لِبَعْضِ الْكُتُبِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ إذَا فُتِحَ التَّاءُ أَخْذًا مِمَّا فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ، لَوْ قَالَ لمديونه: إِن مت بِفَتْح التَّاء فَأَنت برِئ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِخَطَرٍ اه: أَيْ وَالْإِبْرَاءُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْمُرَادُ بِالْخَطَرِ هُنَا التَّعْلِيقُ عَلَى مَعْدُومٍ مُتَرَقَّبِ الْوُقُوعِ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ كالموت ومجئ الْغَدِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ عَلَّقَ الْإِبْرَاءَ بِشَرْط كَائِن كَقَوْل لِمَدْيُونِهِ إنْ كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك عَنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ.
وَمَرَّ تَمَامُهُ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (فِي بِلَادِ خَوَارِزْمَ) وَكَذَا الْإِقْلِيمِ الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ.
سَائِحَانِيٌّ.
وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ أَهْلَ الْكَلَامِ فِي خَوَارِزْمَ لَا يَتَّبِعُونَ الشَّبَهَ بَلْ يَتَعَلَّمُونَ، وَيَعْلَمُونَ مَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ، وَفِي الْبِلَادِ الْأُخْرَى يَذْكُرُونَ شَبَهَ الْفَلَاسِفَةِ الْمُلَبَّسَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَقَائِدُهُمْ بِلَا تَعَرُّضٍ لِرَدِّهَا وَحَثَّ عَنْ تَجَنُّبِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُمْ ضَالُّونَ مُضِلُّونَ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ نَصِيبٌ ط.
قَوْلُهُ: (فَتَنَبَّهْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ قُنْيَةٌ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ لَهَا كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَإِلَّا أَوْهَمَتْ أَنَّهَا عِبَارَةُ السِّرَاجِ ط.
قَوْلُهُ: (بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوصِي أَوْ وَرَثَتِهِ إذَا هَلَكَتْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، أَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ: فَإِنْ وَقَعَ مِنْ الْمُوصِي فَهُوَ رُجُوعٌ، وَإِنْ مِنْ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ بَعْدَهُ يَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ ط.
وَعِبَارَةُ السارج ذَكَرَهَا فِي الْمِنَحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَبُولُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَرَاجِعْهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أعلم.