تعْمل إِلَّا فِيمَا أوجبه الْمُوصي، وَلم تتيقن بِإِيجَابِ الْمُوصِي فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَتَّى تَعْمَلَ الْإِجَازَةُ عَمَلَهَا فَلَغَتْ، لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَيْسَتْ ابْتِدَاء تمْلِيك، وَإِنَّمَا هِيَ تنفيد لِعَقْدِ الْمُوصِي الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا وَلِهَذَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُجَازِ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي، لَا مِنْ قبل الْمُجِيز مَا سيجئ آخَرَ الْبَابِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي السَّقِيمِ مِنْ فَيْضِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ.
قَوْلُهُ: (مُكَرَّرًا) بِأَنْ قَالَ لَهُ سُدُسُ مَالِي لَهُ سُدُسُ مَالِي فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ) وَهِيَ سُدُسٌ، فَإِنَّهُ ذُكِرَ مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَالِ قَدْ أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً: أَيْ
فَكَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى، وَهَذَا عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ غَيْرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: * (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ) * (الْمَائِدَة: ٨٤) أَيْ التَّوْرَاةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ لِقَرِينَةٍ، وَالْمَسْأَلَةُ أَوْضَحْنَاهَا فِي حَوَاشِينَا عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ عَبِيدِهِ) وَلَا تَكُونُ إلَّا مُتَفَاوِتَةً، فَلِذَا فصل فِي الثِّيَاب فَقَط.
أَفَادَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (إنْ هَلَكَ ثُلُثَاهُ الخ) أَي ثلثا مدراهم أَوْ الْغَنَمِ، بِأَنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً مَثَلًا فَهَلَكَ مِنْهَا اثْنَانِ وَبَقِيَ وَاحِدٌ فَلَهُ ذَلِكَ الْبَاقِي بِتَمَامِهِ.
وَقَالَ زُفَرُ: لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ هُنَا أَيْضًا، لِأَنَّ الْمَالَ مُشْتَرَكٌ وَالْهَالِكُ مِنْهُ يهْلك على الشّركَة، وَيبقى الْبَاقِي كَذَلِك.
وَجه قَوْلِ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ إنَّهُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ يَجْمَعُ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي الْبَاقِي تَقْدِيمًا لِلْوَصِيَّةِ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَهْلِكْ شئ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْبَاقِيَ لَهُ، بِخِلَافِ الثِّيَابِ الْمُخْتَلِفَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا تُقْسَمُ جَبْرًا.
وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَبِقَوْلِ زُفَرَ نَأْخُذُ وَهُوَ الْقِيَاسُ اه.
وَأَقَرَّهُ فِي السَّعْدِيَّةِ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (إنْ خَرَجَ الخ) هَذَا الشرظ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ حَتَّى فِي الْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ: (وَبِأَلْفٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ مِنْ الدَّيْنِ شَيْئًا لِأَنَّ الْأَلْفَ مَالٌ وَالدَّيْنُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ دَيْنٌ لَا يَحْنَثُ.
لِأَنَّا نَقُولُ: الدَّيْنُ يُسَمَّى مَالًا بَعْدَ خُرُوجه، وَثُبُوت حث الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مُمْكِنٌ، كَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقِصَاصِ، وَإِذَا انْقَلب مَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّهُ لِأَنَّهُ مَالُ الْمَيِّتِ، وَمَسْأَلَةُ الْيَمِينِ عَلَى الْعُرْفِ، مِعْرَاجٌ مُلَخَّصًا.
وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ يَدْخُلُ الدَّيْنُ أَيْضًا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ.
وَرَجَّحَهُ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ، فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ جِنْسِ الْأَلْفِ) كَذَا فِي الدُّرَرِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَائِدَتَهُ مُنَاسَبَةُ قَوْلِهِ: وَكُلَّمَا خرج شئ مِنْ الدَّيْنِ دُفِعَ إلَيْهِ إذْ لَوْ كَانَ دَنَانِيرَ لَا تُدْفَعُ إلَيْهِ.
تَأَمَّلْ.
وَقَدَّمَ فِي الْمِنَحِ عَنْ السِّرَاجِ: إذَا أَوْصَى بِدَرَاهِمَ مُرْسَلَةٍ ثُمَّ مَاتَ تُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ لَوْ حَاضِرَةً، وَإِلَّا تُبَاعُ الشَّرِكَةُ وَيُعْطَى مِنْهَا تِلْكَ الدَّرَاهِمَ اه.
قَوْلُهُ: (وَعَيْنٌ) قَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْعَيْنُ: الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ دُونَ التِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالْعُرُوضِ وَالثِّيَابِ.
الدّين: كل شئ يَكُونُ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حِنْطَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَتَمَامُهُ فِي الطُّورِيِّ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَرَجَ الْأَلْفُ إلَخْ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: بِأَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ نَقْدًا فَيُدْفَعُ إلَيْهِ الْأَلْفُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِأَنْ كَانَ النَّقْدُ أَيْضًا أَلْفًا دُفِعَ مِنْهُ إلَيْهِ ثُلُثُهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا يَخْرُجْ فَثُلُثُ الْعَيْنِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُدْفَعُ لَهُ الْأَلْفُ مِنْ الْعَيْنِ، لِأَنَّ