للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ: لَا يَدْخُلُ قَرَابَتُهُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَكَيْفَ دَخَلُوا فِيهِ هُنَا اه.

وَأَجَابَ الشَّلَبِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَنْسَابِهِ حَقِيقَةُ النِّسْبَةِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ مِنْ الْأُمِّ كَالْأَبِ.

أَقُولُ: وَفِيهِمْ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِي أَهْلِ نَسَبِهِ النَّسَبَ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ كَمَا مَرَّ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ اعْتَبَرَ خَمْسَ شَرَائِطَ: وَهِيَ كَوْنُهُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَمِمَّا سِوَى الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، وَمِمَّنْ لَا يَرِثُ وَالْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ.

وَقَالَا: كُلُّ مَنْ يجمعه وأياه أَقْصَى أَبٍ فِي الْإِسْلَامِ.

وَخَالَفَاهُ فِي شَرْطَيْنِ: الْمَحْرَمِيَّة ولاقرب، فَيَكْفِي عِنْدَهُمَا الرَّحِمُ بِلَا مَحْرَمِيَّةٍ، وَيَسْتَوِي الْأَقْرَبُ والابعد.

وَاتَّفَقُوا عَلَى اعْتِبَارِ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا لِأَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ وَالْمُثَنَّى كَالْجَمْعِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ وَارِثًا وَلَا وَالِدًا أَوْ وَلَدًا.

أَتْقَانِيٌّ عَنْ الْمُخْتَلِفِ مُلَخَّصًا.

لَكِنْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَيَسْتَوِي الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا عِنْدَهُ اه.

وَنَقَلَ نَحْوَهُ فِي السَّعْدِيَّةِ عَنْ الْكَافِي.

ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْوَصِيَّةِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثِ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، حَيْثُ اعْتَبَرَ فِيهِ الجمعية وَلم يعْتَبر هَا هُنَا اه.

قُلْت: وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا مُخَالَفَةَ وَكَأَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ.

تَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَقَائِقِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ.

هَذَا، وَقَوْلُ الْإِمَامِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ وَالدُّرِّ الْمُنْتَقَى.

تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْحَقَائِقِ: إذَا ذَكَرَ مَعَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ لَا يُعْتَبَرُ الْجَمْعُ اتِّفَاقًا، لِأَنَّ الْأَقْرَبَ اسْمٌ فَرْدٌ خَرَجَ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَحْرَمُ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنْ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ لِصَرِيحِ شَرْطِهِ اه.

وَنَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَالِاخْتِيَارِ أَيْضًا.

قُلْت: وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ فِيمَنْ أَوْصَى لِأَرْحَامِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُمْ فَأَفْتَيْت بِشُمُولِهِ لِغَيْرِ الْمَحَارِمِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ هَذَا النَّقْلِ.

قَوْلُهُ: (قِيلَ إلَخْ قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: وَفِي الْخَبَرِ مَنْ سَمَّى وَالِدَهُ قَرِيبًا عَقَّهُ وَقَدْ عَطَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَقْرَبِينَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى: * (الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) * (الْبَقَرَة: ١٨٠) وَيُعْطَفُ الشئ عَلَى غَيْرِهِ حَقِيقَةً، فَعُرِفَ أَنَّ الْقَرِيبَ فِي لِسَانِ النَّاسِ

مَنْ يَتَقَرَّبُ إلَى غَيْرِهِ بِوَاسِطَةٍ.

كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اه: أَيْ وَالْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ يَتَقَرَّبَانِ بِأَنْفُسِهِمْ لَا بِوَاسِطَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَمْنُوعِينَ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ ط.

قَوْلُهُ: (كَمَا يُفِيدُهُ عُمُومُ قَوْلِهِ وَالْوَارِثُ) أَيْ يُفِيدُ عَدَمَ دُخُولِهِمْ، وَلَوْ مَمْنُوعِينَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِيهِ كَوْنَهُمْ وارثين لم احْتِيجَ التَّنْصِيصِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِمْ، إذْ هُمْ يَخْرُجُونَ بِقَوْلِهِ وَالْوَارِثُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُهُمْ بِعُمُومِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ وَنَصَّ عَلَى إخْرَاجِهِمْ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ سَوَاءٌ كَانُوا وَارِثِينَ أَوْ مَمْنُوعِينَ، فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: (وَالْوَارِثُ) عَلَّلُوهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَبِهَذَا يَتَّجِهُ مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ أوصى ولاقارب فُلَانٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْرُجَ الْوَارِثُ.

قَوْلُهُ: (فَيَدْخُلُ) الْأَوْلَى فَيَدْخُلَانِ ط.

قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَارِ) حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْقَرِيبَ لُغَةٌ: مِنْ يَتَقَرَّبُ إلَى غَيْرِهِ بِوَاسِطَةِ غَيْرِهِ وَتَكون الْجُزْئِيَّة بَينهمَا منعدمة.

وَنقل أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ فِي شَرْحِ الْحَمَوِيِّ بِخَطِّهِ أَنَّ الدُّخُولَ هُوَ الْأَصَحُّ اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>