قَالَ يَعْقُوبْ بَاشَا: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَمَاتَ عَاجِزًا عَنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِرُجُوعِهِ لَا مُطْلَقًا، بَلْ إِذا لم يتَعَلَّق بِهِ شئ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ كَمَا إذَا كَاتَبَهُ الْمُشْتَرَى أَوْ رَهَنَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهُ أَوْ جَنَى ذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ لِمَانِعٍ قَوِيٍّ، حَتَّى لَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَعَادَ إلَى الرِّقِّ أَوْ فَكَّ الرَّهْنَ أَوْ فُدِيَ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ لزوَال ذَلِك الْمَانِع اهـ.
وَنَقَلَ مِثْلَهُ ط عَنْ حَاشِيَةِ عَجَمْ زَادَهْ عَلَى شَرْحِ السَّيِّدِ.
ثُمَّ قَالَ: وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْبَائِعَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ عندنَا: اهـ: أَيْ فِيمَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ إلَّا خِلَافَ الشَّافِعِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مَأْخُوذ من كتب الشَّافِعِيَّة فلينتبه لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ) فَإِنَّهُ إذَا أَعْطَى الْأُجْرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الْآجِرُ صَارَتْ الدَّارُ هُنَا بالاجرة سيد.
قَالَ ط: وَزَاد فِي رُوحِ الشُّرُوحِ عَلَى مَا ذُكِرَ الْعَبْدُ الَّذِي جُعِلَ مَهْرًا: يَعْنِي إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ أَي فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تُقَدَّمُ عَلَى تَجْهِيزِ الزَّوْجِ، وَالْمَقْبُوضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْفَسْخِ: أَيْ فَإِنَّ الْمُشْتَرَى مُقَدَّمٌ عَلَى تَجْهِيزِ الْبَائِعِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ إلَخْ) أَيْ هَذِهِ الْحُقُوقُ الْمُتَعَلّقَة بِهَذِهِ الاعيان، وأصل أَن كَا حَقٍّ يُقَدَّمُ فِي الْحَيَاةِ يُقَدَّمُ فِي الْوَفَاةِ.
دُرٌّ مُنْتَقًى.
وَتَقْدِيمُهَا عَلَى التَّجْهِيزِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ وَكَذَا شُرَّاحُ الْكَنْزِ وَالسِّرَاجِيَّةُ، بَلْ حَكَى بَعْضُ شُرَّاحِ السِّرَاجِيَّةِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، فَمَا ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ رِوَايَةٌ وَأَنَّ الصَّحِيحَ تَقْدِيمُ التَّجْهِيزِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: مَنْظُورٌ فِيهِ، بَلْ تَعْلِيلُهُمْ يُفِيدُ أَنه لَيْسَ بتركة أصلا إِ هـ: أَيْ فَلَا يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ التَّرِكَةِ بِالتَّجْهِيزِ.
قَوْلُهُ: (بِتَجْهِيزِهِ) وَكَذَا تَجْهِيزُ مَنْ
تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، كَوَلَدٍ مَاتَ قَبْلَهُ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَكَزَوْجَتِهِ وَلَوْ غَنِيَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
دُرٌّ مُنْتَقًى.
قَوْلُهُ: (يَعُمُّ التَّكْفِينُ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ السِّرَاجِيَّةِ: يَبْدَأُ بِتَكْفِينِهِ وَتَجْهِيزِهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ) التَّقْتِيرُ هُوَ التَّقْصِيرِ، وَالتَّبْذِيرُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَشْهُورِ بِمَعْنَى الْإِسْرَافِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، وَهُوَ أَنَّ الْإِسْرَافَ صرف الشئ فِيمَا يَنْبَغِي زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَالتَّبْذِيرُ صَرْفُهُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي.
صَرَّحَ بِهِ الْكَرْمَانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ يَعْقُوبَ.
وَعَلَيْهِ فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بالاسراف بدل التبذير وموافقا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: * (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) * (الْفرْقَان: ٦٧) لَكِنَّهُ رَاعَى الْمَشْهُورَ.
قَوْلُهُ: (كَكَفَنِ السُّنَّةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي حَيَاتِهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ، وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، قَالَ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ: ثُمَّ الْإِسْرَافُ نَوْعَانِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ بِأَنْ يُزَادَ فِي الرَّجُلِ على ثَلَاثَة أَبْوَاب، وَفِي الْمَرْأَةِ عَلَى خَمْسَةٍ وَمِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ، بِأَنْ يُكَفَّنَ فِيمَا قِيمَتُهُ تِسْعُونَ وَقِيمَةُ مَا يَلْبَسُهُ فِي حَيَاتِهِ سِتُّونَ مَثَلًا، وَالتَّقْتِيرُ أَيْضًا نَوْعَانِ عكس الاسراف عددا وَقِيمَة إِ هـ.
وَهَذَا إذَا لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ، فَلَوْ أَوْصَى تُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَا لَوْ تَبَرَّعَ الْوَرَثَةُ بِهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، فَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ لَا الْعَدَدُ، وَهَلْ لِلْغُرَمَاءِ الْمَنْعُ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ؟ قَوْلَانِ: وَالصَّحِيحُ نَعَمْ.
دُرٌّ مُنْتَقًى: أَيْ فَيُكَفَّنُ بِكَفَنِ الْكِفَايَةِ وَهُوَ ثَوْبَانِ لِلرَّجُلِ وَثَلَاثَةٌ لِلْمَرْأَةِ.
ابْنُ كَمَالٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي حَيَاتِهِ) أَيْ مِنْ أَوْسَطِ ثِيَابِهِ، أَو من الَّذِي يَتَزَيَّنُ بِهِ فِي الْأَعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَالزِّيَارَاتِ عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.
زَيْلَعِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ هَلَكَ كَفنه الخ) قَالَ فِي سكب الانهر: وَإِذ نُبِشَ قَبْرُ الْمَيِّتِ وَأُخِذَ كَفَنُهُ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَلَوْ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا مَا دَامَ طَرِيًّا، وَلَا يُعَادُ غَسْلُهُ وَلَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَفَسَّخَ يُلَفُّ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ مَالِهِ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ قد