للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَدَمِ الضَّمَان ضَمَان الْمثْلِيّ لانه الْمُتَبَادر، وَأَن المُرَاد بِالضَّمَانِ الْمُثبت ضَمَان الْقيمَة لانه بالتنجس صَار قيميا، لقَولهم: الْمثْلِيّ مَا حصره كيل أَو وزن وَكَانَ على صفته الاصلية من الطَّهَارَة، فَإِن خرج عَنْهَا بالتنجس صَار قيميا كَمَا هُوَ صَرِيح كَلَام البزازي ثَانِيًا.

وَفِي فُصُول الْعِمَادِيّ: وَإِذا أتلف زَيْت غَيره فِي السُّوق أَو سمنه أَو خله أَو نَحْو ذَلِك وَقَالَ أتلفته لكَونه نجسا لانه مَاتَت فِيهِ فَأْرَة فَالْقَوْل قَوْله، لَان الزَّيْت النَّجس وَنَحْوه قد يُبَاع فِي السُّوق، وَإِن أتلف لحم قصاب فِي السُّوق وَقَالَ: أتلفته لكَونه ميتَة ضمن لَان الْميتَة لَا تبَاع فِي السُّوق، فَجَاز للشُّهُود أَن يشْهدُوا أَنَّهَا ذكية كَمَا فِي الْحَوَاشِي الحموية.

قَوْله: (وَأمر الدَّم عَظِيم فَلَا يهمل) أَلا ترى أَنه حكم فِي المَال بِالنّكُولِ وَفِي الدَّم حبس حَتَّى يقْرَأ وَيحلف، وَاكْتفى فِي المَال بِالْيَمِينِ الْوَاحِدَة وبخمسين يَمِينا فِي الدَّم.

قَوْله: (بِخِلَاف المَال) قَالَ فِي الْبَحْر: لَو أتلف لحم طواف فطولب بِالضَّمَانِ فَقَالَ: كَانَت ميتَة فأتلفتها لَا يصدق، وللشهود أَن يشْهدُوا أَنه لحم ذكي بِحكم الْحَال.

وَقَالَ القَاضِي: لَا يضمن، فَاعْترضَ عَلَيْهِ بِمَسْأَلَة كتاب الِاسْتِحْسَان الْمُتَقَدّمَة، وَهِي لَو قتل رجلا الخ فَأجَاب عَنهُ بِمَا نَقله الشَّارِح عَن إِقْرَار الْبَزَّازِيَّة.

قَوْله: (صدق قَاض) وَكَذَا لَا ضَمَان على الْقَاطِع والآخد لَو أقرّ بِمَا أقرّ بِهِ القَاضِي وَوجه عدم الضَّمَان على القَاضِي أَنَّهُمَا لما توافقا أَنه فعل ذَلِك فِي قَضَائِهِ كَانَ الظَّاهِر شَاهدا لَهُ، إِذْ القَاضِي لَا يقْضِي بالجور ظَاهرا وَلَا يَمِين عَلَيْهِ لانه ثَبت فعله فِي قَضَائِهِ بالتصادق، وَلَا يَمِين على القَاضِي كَمَا فِي الْبَحْر.

قَوْله: (كَذَا لَو زعم) أَي الْمقْضِي عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ أَقَرَّ الْقَاطِعُ وَالْآخِذُ فِي هَذَا بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْقَاضِي يَضْمَنَانِ لِأَنَّهُمَا أَقَرَّا بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي مَقْبُولٌ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي إبْطَالِ سَبَبِ الضَّمَانِ عَنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فعله فِي قَضَائِهِ بالتصادق: أَي فَيدْفَع قَول القَاضِي الضَّمَان عَن نَفسه وَعَن غَيره، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْآخِذِ قَائِمًا وَقَدْ أَقَرَّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْقَاضِي وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ الْمَالُ صُدِّقَ الْقَاضِي فِي أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي قَضَائِهِ، أَوْ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لَهُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّمَلُّكِ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَقَوْلُ الْمَعْزُولُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيهِ.

بَحْرٌ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَسْنَدَ) أَي القَاضِي.

مطلب: وَاقعَة الْفَتْوَى

قَوْله: (إِلَى حَالَة معهودة) فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ طَلَّقْتُ أَوْ أَعْتَقْتُ وَأَنا مَجْنُون وجنونه مَعْهُود وَمثله المدهوش وَهِي وَاقعَة الْفَتْوَى للخير الرَّمْلِيّ، فَإِذا كَانَت الدهشة معهودة مِنْهُ يقبل قَوْله، وَإِذا لم تكن معهودة لَا يقبل قَوْله إِلَّا بِبَيِّنَة، وَلَو أقرّ الْقَاطِع والآخذ فِي هَذَا الْفَصْل بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْقَاضِي يَضْمَنَانِ

لِأَنَّهُمَا أَقَرَّا بِسَبَبِ الضَّمَانِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي مَقْبُولٌ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي إبْطَالِ سَبَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>