للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الارض آجرة أرضه، والمزارع مُسْتَأْجر للارض بِمَا يَدْفَعهُ لصَاحِبهَا من الْمَشْرُوط.

وَمن اسْتَأْجر أَرضًا من آخر تصح شَهَادَته لَهُ، وَلَا تصح الْمُزَارعَة فِي غير هَذِه الْوُجُوه الثَّلَاثَة كَمَا حرر فِي بَابهَا.

قَوْله: (وَقيل أَرَادَ بالعمال) هَذَا مُمْكِنٌ فِي مِثْلِ عِبَارَةِ الْكَنْزِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: إلَّا إذَا كَانُوا أَعْوَانًا إلَخْ.

قَوْله: (المحترفين) أَي وَالَّذين يؤجرون أنفسهم للْعَمَل، فَإِن بعض النَّاس رد شَهَادَة أهل الصناعات الخسيسة فأفردت هَذِه الْمَسْأَلَة على هَذَا الاظهار مخالفتهم، وَكَيف لَا وكسبهم أطيب المكاسب كَمَا فِي الْبَحْر.

قَالَ الرَّمْلِيّ: فَتحَرَّر أَن الْعبْرَة للعدالة لَا للحرفة، وَهَذَا الَّذِي يجب أَن يعوف عَلَيْهِ ويفتى بِهِ.

فَإنَّا نرى بعض أَصْحَاب الْحَرْف الدنيئة عِنْده من الدّين وَالتَّقوى مَا لَيْسَ عِنْد كثير من أَرْبَاب الوجاهة وَأَصْحَاب المناصب وَذَوي الْمَرَاتِب.

إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم.

اه.

فَيكون فِي إِيرَاد الشَّارِح هَذَا القَوْل رد على من رد شَهَادَة أهل الحرفة الْخَسِيسَةِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَمَّا أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيئَةِ كَالْقَنَوَاتِيِّ وَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ وَالْحَجَّامِ فَقِيلَ لَا تُقْبَلُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ قَدْ تَوَلَّاهَا قَوْمٌ صَالِحُونَ، فَمَا لَمْ يُعْلَمْ الْقَادِحُ لَا يبْنى على ظَاهر لصناعة، وَتَمَامه فِيهِ فَرَاجعه.

قَوْله: (وَهِي حِرْفَة آبَائِهِ وأجداده) ظَاهره أَنَّهَا إِذا كَانَت حرفتهم لَا تكون دنيئة وَلَو كَانَت دنيئة فِي ذَاتهَا وَهُوَ خلاف مَا يُعْطِيهِ الْكَلَام الْآتِي.

قَوْله: (وَإِلَّا فَلَا مُرُوءَة لَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَبُوهُ تَاجِرًا وَاحْتَرَفَ هُوَ الحياكة أَو الحلافة وَغير ذَلِك.

قَوْله: (فَلَا شَهَادَة لَهُ) أَي لارتكابه الدناءة، وَفِيه نظر لانه مُخَالف لما دقدمه: يَعْنِي صَاحب الْبَحْر قَرِيبًا مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الصِّنَاعَةِ الدَّنِيئَةِ كَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ إذَا كَانَ عَدْلًا فِي الصَّحِيح اه.

قَوْله: (لما عرف فِي حد الْعَدَالَة) قَالَ الْقُهسْتَانِيّ بعد قَول النقاية: وَمن اجْتنب الْكَبَائِر وَلم يصر على الصَّغَائِر وَغلب صَوَابه على خطئه مَا نَصه: كَانَ عَلَيْهِ أَن يزِيد

قيدا آخر: أَي فِي تَعْرِيف الْعَدَالَة، وَهُوَ أَن يجْتَنب الافعال الدَّالَّة على الدناءة وَعدم الْمُرُوءَة كالبول فِي الطَّرِيق اه.

وَهُوَ يَقْتَضِي رد شَهَادَة ذِي الصِّنَاعَة الرَّديئَة لخرم الْمُرُوءَة بهَا وَإِن لم تكن مَعْصِيّة، فَتَأمل ط.

وتحقيقه مَا نذكرهُ فِي المقولة الْآتِيَة.

قَوْلُهُ: (فَتْحٌ) لَمْ أَرَهُ فِي الْفَتْحِ، بَلْ ذكره فِي الْبَحْر بِصِيغَة يَنْبَغِي حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيد الْقبُول بِأَن تكون تِلْكَ الحرفة لَا ثِقَة بِهِ، بِأَن تكون حِرْفَةُ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ، وَإِلَّا فَلَا مُرُوءَةَ لَهُ إِذا كَانَت حِرْفَة دنيئة فَلَا شَهَادَة لَهُ لَهُ لما عرف فِي حد الْعَدَالَة اه.

قَالَ الرَّمْلِيّ: وَعِنْدِي فِي هَذَا التَّقْيِيد نظر يظْهر لمن نظر، فَتَأمل اه: أَيْ فِي التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ: بِحِرْفَةٍ لَائِقَةٍ إلَخْ.

قلت: وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْعِبْرَةَ لِلْعَدَالَةِ لَا لِلْحِرْفَةِ، فكم من دنئ صناعَة أتقى مِنْ ذِي مَنْصِبٍ وَوَجَاهَةٍ.

عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَنْ حِرْفَةِ أَبِيهِ إلَى أَدْنَى مِنْهَا إلَّا لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ أَوْ صُعُوبَتِهَا عَلَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا عَلَّمَهُ إيَّاهَا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فِي صِغَرِهِ وَلَمْ يُتْقِنْ غَيْرَهَا، فَتَأَمَّلْ.

وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ: فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ هُوَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الصِّنَاعَةِ الدَّنِيئَةِ كَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ إذَا كَانَ عَدْلًا فِي الصَّحِيحِ اه.

وقدمناه قَرِيبا.

قَالَ سَيِّدي الْوَالِد: وَيُدْفَعُ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ عُدُولَهُ عَنْ حِرْفَةِ أَبِيهِ إلَى أَدْنَى مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْمُرُوءَةِ، وَإِنْ كَانَتْ حِرْفَةُ أَبِيهِ دَنِيئَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُوَ كَذَلِكَ إنْ عَدَلَ بِلَا عذر.

تَأمل اه.

أَقُول: فَالْحَاصِل أَن الْمُعْتَبر الْعَدَالَة، وَلَا نظر إِلَى الحرفة إِلَّا إِذا عدل عَن حِرْفَة آبَائِهِ الشَّرِيفَة إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>