للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذا عرفتهما فَاعْلَم أَن فِي ثُبُوت الْيَد على الْعقار شُبْهَة لكَونه غير مشَاهد، بِخِلَاف الْمَنْقُول فَإِن فِيهِ مُشَاهدَة فَوَجَبَ دَفعهَا فِي دَعْوَى الْعقار بإثباته بِالْبَيِّنَةِ لتصح الدَّعْوَى، وَبعد ثُبُوته يكون احْتِمَال كَون الْيَد لغير الْمَالِك شُبْهَة الشُّبْهَة فَلَا يعْتَبر.

وَأما فِي الْيَد فِي الْمَنْقُول فلكونه مشاهدا لَا يحْتَاج إِلَى إثْبَاته.

لَكِن فِيهِ شُبْهَة كَون الْيَد لغير الْمَالِك فَوَجَبَ دَفعهَا لتصح الدَّعْوَى.

اهـ.

قَالَ الْمولى عبد الْحَلِيم: قد نَشأ من كَلَام صدر الشَّرِيعَة هَذَا كَلِمَات للفضلاء الْمُتَأَخِّرين، وعد كل مِنْهُم مَا طولوا تَحْقِيقا وَمَا لخصوا تدقيقا، وَقد وَقع بَينهم تدافع فذيلوا كَلَامهم بِالْحَمْد لله على كَونهم مهتدين لما منحوا.

أَقُول: وَمن الله التَّوْفِيق وَبِيَدِهِ أزمة التَّحْقِيق والتدقيق: إِنَّه لَا خَفَاء فِي أَنه لَا اخْتِصَاص لقَوْله بِغَيْر حق بالمنقول لَان مفاده دفع احْتِمَال كَون الْمُدَّعِي مَرْهُونا أَو مَحْبُوسًا بِالثّمن فِي يَده، فَفِي الْمَنْقُول: كَمَا احْتَاجَ إِلَى هَذَا الدّفع احْتَاجَ فِي الْعقار أَيْضا.

وَمن ذَلِك أَن الْمَشَايِخ صَرَّحُوا فِي هَذَا الدّفع بِأَنَّهُ وَجب أَن يَقُول فِي الْمَنْقُول بِغَيْر حق، وَأَن يذكر فِي الْعقار أَنه يُطَالِبهُ، لَان ظَاهر حَال الطَّالِب أَن لَا يُطَالِبهُ إِلَّا إِذا كَانَ لَهُ الطّلب وَذَا لَا يكون إِذا كَانَ فِي يَد غَيره بِحَق، فمطالبته بالعقار تَتَضَمَّن قَوْله بِغَيْر حق، وَلذَلِك دفعت هَذَا الِاحْتِمَال كَمَا صرح بِهِ فِي الْهِدَايَة.

وَقد قَالَ ظهير الدّين المرغيناني: إِنَّه لَا بُد فِي دَعْوَى الْعقار من معرفَة القَاضِي كَونه فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ، فيذكر الْمُدَّعِي أَنه فِي يَده الْيَوْم بِغَيْر حق كَمَا فِي الْعمادِيَّة.

وَأَيْضًا لَا اخْتِصَاص فِي الْمُطَالبَة بالعقار، إِلَّا أَن وُجُوبهَا لما كَانَ بعد إِحْضَار الْمَنْقُول وتضمنها

طلب الاحضار فِي الْجُمْلَة لم يحتاجوا إِلَى التَّصْرِيح بهَا، وَللَّه دِرْهَم فِي التَّحْقِيق والتدقيق.

إِذا عرفت هَذَا ظهر أَن إِشْكَال صدر الشَّرِيعَة سَاقِط عَن أصل، وَأَنه لَا فرق بَينهمَا فِي الِاحْتِيَاج إِلَى هَذَا الدّفع.

نعم وجد الْفرق بَينهمَا وَهُوَ أَن الْمَنْقُول لما غلب فِيهِ الاعارة وَالرَّهْن بل البيع وَجرى الْغَصْب عَلَيْهِ بالِاتِّفَاقِ دون الْعقار أوجبوا فِي الْمَنْقُول التَّصْرِيح بِأَنَّهُ فِي يَده بِغَيْر حق، واكتفوا فِي الْعقار بتضمن كَلَامه هَذَا الْمَعْنى.

وَأَيْضًا مَا ذكره المُصَنّف هُنَا يصلح أَن يكون عِلّة أَيْضا للُزُوم التَّصْرِيح فِي الْمَنْقُول بِغَيْر حق وللاكتفاء بتضمن كَلَامه ذَلِك فِي الْعقار هَذَا، خير الْكَلَام مَا قل وَدلّ، وَلَا تعجب من تَبْدِيل كَلِمَات جم غفير فَإِنَّهُ ثَمَرَة الانتباه.

وَلَا مبدل لكلمات الله.

وَلَا يشاركها فِيهِ كَلِمَات من سواهُ يورثه من يَشَاء * ((٧) الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله) * (الاعراف: ٣٤) وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل.

قَوْله: (وَطلب الْمُدَّعِي إِحْضَاره) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُودِعًا، فَإِذن ادَّعَى عَيْنَ وَدِيعَةٍ لَا يُكَلَّفُ إحْضَارَهَا بَلْ يُكَلف التَّخْلِيَة كَمَا تقدم قَرِيبا.

وَنَقله فِي الْبَحْر عَن جَامع الْفُصُولَيْنِ.

قَالَ فِي غَايَة الْبَيَان: ثمَّ إِذا حضر ذَلِك الشئ إِلَى مجْلِس القَاضِي فَشَهِدُوا بِأَنَّهُ لَهُ وَلم يشْهدُوا بِأَنَّهُ ملكه يجوز لَان اللَّام للتَّمْلِيك، وَكَذَلِكَ إِن شهدُوا بِأَن هَذَا مَالك لَهُ أَو شهدُوا على إِقْرَار الْمُدعى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ للْمُدَّعِي وَذَلِكَ لَا إِشْكَال فِيهِ، إِنَّمَا الاشكال فِيمَا لَو ادّعى أَنه أقرّ بِهَذَا الشئ وَلم يدع بِأَنَّهُ ملكي وَأقَام الشُّهُود على ذَلِك هَل يقبل وَهل يقْضِي بِالْملكِ؟ مِنْهُم من يَقُول نعم، فقد ذكرنَا أَن الشُّهُود لَو شهدُوا بِأَن هَذَا أقرّ بِهَذَا الشئ لَهُ تقبل وَإِن لم يشْهدُوا بِأَنَّهُ ملكه وَكَذَلِكَ الْمُدَّعِي، وَأَكْثَرهم على أَنه لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>