للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُؤْخَذ مِنْهُ كَفِيل، ثمَّ يسْأَل جِيرَانه عَسى أَن يكون بِهِ آفَة فِي لِسَانه أَو سَمعه، فَإِن أخبروا أَنه لَا آفَة بِهِ يحضر مجْلِس الحكم، فَإِن سكت وَلم يجب ينزله مُنْكرا: أَي فَيحلف من غير حبس ط.

قَوْله: (لما أَن الْفَتْوَى على قَول الثَّانِي) أَقُول: ظهر مِمَّا هُنَا وَمِمَّا تقدم أَنه قد اخْتلف التَّصْحِيح وَالتَّرْجِيح، وَلَكِن

الارجح قَول أبي يُوسُف لما يُقَال فِيهِ: وَعَلِيهِ الْفَتْوَى، وَقد مر غير مرّة وَيَأْتِي.

قَوْله: (ثمَّ نقل عَن الْبَدَائِع الخ) رَاجع إِلَى قَول الْمَتْن وَإِذا قَالَ الخ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْمَجْمَعِ: وَلَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ فَالْقَاضِي لَا يَسْتَحْلِفُهُ.

قَالَ الشَّارِح: بل يحبس عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَقَالا: يسْتَحْلف.

وَفِي الْبَدَائِع: الاشبه أَنه إِنْكَار.

اهـ.

وَهُوَ تَصْحِيح لقولهما: فَإِنَّ الْأَشْبَهَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة.

فحاصل مَا فِي الْبَحْر: اخْتِيَار قَول الثَّانِي لَو لزم السُّكُوت بِلَا آفَة فَإِنَّهُ يحبس حَتَّى يقر أَو يُنكر، وَاخْتِيَار قَوْلهمَا فِيمَا إِذا قَالَ لَا أقرّ وَلَا أنكر يَقْتَضِي اخْتِيَار جعله إنكارا فِي مَسْأَلَة السُّكُوت بالاولى، فَكَانَ نقل صَاحب الْبَحْر تَصْحِيح الثَّانِي رُجُوعا عَمَّا أفتى بِهِ أَولا فِي مَسْأَلَة السُّكُوت، فَلِذَا قَالَ الشَّارِح ثمَّ نقل الخ ليُفِيد أَن تَصْحِيح مَا فِي الْبَدَائِع يَقْتَضِي تَصْحِيح قَول الامامين فِي الاولى، وَلَا يشكل مَا قدمْنَاهُ عَن رَوْضَة الْفُقَهَاء من أَن السُّكُوت لَيْسَ بإنكار بِلَا خلاف، لَان الْكَلَام هما فِيمَا إِذا لزم السُّكُوت، وَمَا هُنَاكَ لَا يعد نكولا بِمُجَرَّد سُكُوته فَيقْضى عَلَيْهِ، وشتان مَا بَينهمَا:

قَوْله: (اصطلحا على أَن يحلف الخ) سَيذكرُ الشَّارِح لَو قَالَ: إِذا حَلَفت فَأَنت برِئ مِنْ الْمَالِ فَحَلَفَ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْحَقِّ قبل، لَكِن هُنَا الْيَمين من الْمُدَّعِي، وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ ثمَّة.

قَوْله: (لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّ الْقَاضِي مَعَ طَلَبِ الْخَصْمِ) الاولى كَمَا فِي الْبَحْر عَن الْقنية: لَان التَّحْلِيف حق القَاضِي اهـ.

حَتَّى لَو أَبرَأَهُ الْخصم عَنهُ لَا يَصح.

بَزَّازِيَّة.

وكما أَن التَّحْلِيف عِنْد غير القَاضِي، لَا يعْتَبر فَكَذَلِك النّكُول عِنْد غَيره لَا يُوجب الْحق، لانص الْمُعْتَبر يَمِين قَاطِعَة للخصومة، وَالْيَمِين عِنْد غير القَاضِي غير قَاطِعَة.

دُرَر.

وَكَذَلِكَ لَا عِبْرَة لَهَا عِنْده بِلَا تَحْلِيفه كَمَا قَيده بقوله مَعَ طلب الْخصم، لَكِن الَّذِي يُشِير إِلَيْهِ كَلَام الدُّرَر والعيني أَن الْيَمين حق الْمُدَّعِي.

وَاسْتدلَّ لَهُ فِي الدُّرَر بقوله: وَلِهَذَا أضيف إِلَيْهِ بِحرف اللَّام فِي الحَدِيث، وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: لَك يَمِينه قَالَ: وَوجه كَونه حَقًا لَهُ أَن الْمُنكر قصد إتواء حَقه الخ، وَكَانَ الاولى لَهُ أَن يُعلل الْمَسْأَلَة بقوله: لَان الْمُعْتَبر يَمِين قَاطِعَة للخصومة الخ، ثمَّ يسْتَدرك بِمَا نَقله المُصَنّف عَن الْقنية الْآتِي ذكره، فَلَو فعل ذَلِك لسلم من التّكْرَار.

قَوْله: (وَلَا عِبْرَة الخ) أَي وَلَا يعْتَبر إبراؤه الْمُعَلق بِهَذَا الشَّرْط،

لَان الابراء من الدّين لَا يَصح تَعْلِيقه بِالشّرطِ كَمَا تقدم.

قَوْله: (فَلَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى حَقِّهِ يُقْبَلُ) هَذَا لَا يصلح تَفْرِيعا على مَا قبله، فَإِنَّهُ لَو حلف عِنْد قَاض ثمَّ برهن الْمُدَّعِي يقبل كَمَا سَيَأْتِي ح.

إِلَّا أَن يُقَال: إِنَّمَا فَرعه عَلَيْهِ بِاعْتِبَار قَوْله: وَإِلَّا يحلف ثَانِيًا عِنْد قَاض: أَي حَيْثُ لم يعْتَبر حلفه عِنْد غير

<<  <  ج: ص:  >  >>