للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله: (قلت قدمنَا) أَي فِي كتاب الْقَضَاء: أَي وجزمهم هُنَاكَ بِهِ مُطلقًا حَيْثُ شَمل كَلَامهم هُنَاكَ مَا بعد الْبَيِّنَة والاقرار، والنكول تَرْجِيح لُزُوم الْفَوْر الَّذِي هُوَ أحد الْقَوْلَيْنِ، وَكَأن المُصَنّف غفل عَنهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: لم أر فِيهِ تَرْجِيحا، إِلَّا أَن الْحَمَوِيّ فِي حَاشِيَة الاشباه قَالَ: اعْلَم أَنه يجب على القَاضِي الحكم بِمُقْتَضى الدَّعْوَى عِنْد قيام الْبَيِّنَة على سَبِيل الْفَوْر، وَعَزاهُ لجامع الْفُصُولَيْنِ وَقد خصّه بِالْبَيِّنَةِ كَمَا ترى، فَلَا يُفِيد تَرْجِيح أحد الْقَوْلَيْنِ فِي لُزُوم الْقَضَاء فَوْرًا بعد النّكُول، وَحِينَئِذٍ فَمَا ذكر من الِاسْتِدْرَاك فمحله بعد الْبَيِّنَة أَو الْيَمين، فَتدبر.

قَوْله: (إِلَّا فِي ثَلَاث) قدمنَا أَنَّهَا أَن يرتاب القَاضِي فِي طَرِيق الْقَضَاء كالبينة وَأَن يستمهل الْخصم: أَي الْمُدَّعِي، وَأَن يكون لرجاء الصُّلْح بَين الاقارب، وَظَاهره أَنه لَا خلاف.

قَوْله: (لَا يلْتَفت إِلَيْهِ) لانه أبطل حَقه بِالنّكُولِ فَلَا ينْقض بِهِ الْقَضَاء قيد بِالْقضَاءِ، لانه قبله إِذا أَرَادَ أَن يحلف يجوز، وَلَو بعد الْعرض كَمَا فِي الدُّرَر، أما لَو أَقَامَ الْبَيِّنَة بعد النّكُول فَإِنَّهَا تقبل كَمَا يَأْتِي قَرِيبا.

قَوْله: (فبلغت طرق الْقَضَاء ثَلَاثًا) بَيِّنَة وَإِقْرَار ونكول، وَهُوَ تَفْرِيع على قَوْله فَإِن أقرّ أَو أنكر الخ.

قَوْله: (سبعا) فِيهِ أَن الْقَضَاء بالاقرار مجَاز كَمَا تقدم، والقسامة دَاخِلَة فِي الْيَمين، وَعلم القَاضِي مَرْجُوح والقرينة مِمَّا انْفَرد بذكرها ابْن الْغَرْس فَرَجَعت إِلَى ثَلَاث، فَتَأمل ط.

قَوْله: (بَيِّنَة) لَا شكّ أَن الْبَيِّنَة طَرِيق للْقَضَاء وَأَن الحكم لَا يثبت بِالْبَيِّنَةِ حَتَّى يقْضِي بهَا كَمَا تقدم.

قَوْله: (وَإِقْرَار) تقدم أَن الْحق يثبت بِهِ بِدُونِ حكم، وَإِنَّمَا يَأْمُرهُ القَاضِي بِدفع مَا لزمَه بِإِقْرَارِهِ، وَلَيْسَ لُزُوم الْحق بِالْقضَاءِ كَمَا لَو ثَبت بِالْبَيِّنَةِ، فَجعل الاقرار طَرِيقا للْقَضَاء إِنَّمَا هُوَ ظَاهرا، وَإِلَّا فَالْحق ثَبت بِهِ لَا بِالْقضَاءِ.

قَوْله: (وَيَمِين) لَيْسَ الْيَمين طَرِيقا للْقَضَاء، لَان الْمُنكر إِذا حلف وَعجز الْمُدَّعِي عَن الْبَيِّنَة يتْرك الْمُدَّعِي فِي يَده لعدم قدرَة الْمُدَّعِي على إثْبَاته لَا قَضَاء لَهُ بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَلذَا لَو جَاءَ الْمُدَّعِي بعد ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ يقْضِي لَهُ بهَا، وَلَو ترك المَال فِي يَده قَضَاء لَهُ لم ينْقض فَجعله طَرِيقا للْقَضَاء إِنَّمَا هُوَ ظَاهر بِاعْتِبَار أَن الْقَضَاء يقطع النزاع، وَهَذَا يقطعهُ لَان الاتيان بِالْبَيِّنَةِ بعد الْعَجز عَنْهَا نَادِر.

قَوْله: (ونكول عَنهُ) الْفرق بَين

النّكُول والاقرار أَن الاقرار مُوجب للحق بِنَفسِهِ لَا يتَوَقَّف على قَضَاء القَاضِي، فحين الاقرار يثبت الْحق كَمَا ذكرنَا، وَأما النّكُول فَلَيْسَ بِإِقْرَار صَرِيحًا وَلَا دلَالَة لَكِن يصير إِقْرَارا بِقَضَاء القَاضِي بإنزالة مقرا، وَعَلِيهِ يظْهر كَونه رَابِعا.

أما لَو أرجعناه إِلَى الاقرار فَلَا يظْهر كَونه رَابِعا كَمَا فِي الْمُحِيط.

قَوْله: (وقسامة) قَالَ المُصَنّف: وَسَيَأْتِي أَن الْقسَامَة من طرق الْقَضَاء بِالدِّيَةِ.

قَوْله: (وَعلم قَاض على الْمَرْجُوح) وَظَاهر مَا فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ أَن الْفَتْوَى أَنه لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ لفساد قُضَاة الزَّمَان.

بَحر.

قَوْله: (وَالسَّابِع قرينَة) ذكر ذَلِك ابْن الْغَرْس.

قَالَ فِي الْبَحْر: وَلم أره إِلَى الْآن لغيره.

اهـ.

قَالَ بعض الافاضل: صَرِيح قَول ابْن الْغَرْس فقد قَالُوا: إِنَّه مَنْقُول عَنْهُم، لَا أَنه قَالَه من عِنْد نَفسه، وَعدم رُؤْيَة صَاحب الْبَحْر لَهُ لَا يَقْتَضِي عدم وجوده فِي كَلَامهم، والمثبت مقدم.

لَكِن قَالَ الْخَيْر الرَّمْلِيّ: وَلَا شكّ أَن مَا زَاده ابْن الْغَرْس غَرِيب خَارج عَن الجادة، فَلَا يَنْبَغِي التعويل عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْضُدْهُ نَقْلٌ مِنْ كِتَابٍ مُعْتَمَدٍ فَلَا تغتر بِهِ، وَالله تَعَالَى أعلم.

اهـ.

وَالْحق أَن هَذَا مَحل تَأمل، وَلَا يظنّ أَن فِي مثل ذَلِك يجب عَلَيْهِ الْقصاص مَعَ أَن الانسان قد يقتل

<<  <  ج: ص:  >  >>