مطلب: لَا تنْدَفع الدَّعْوَى لَو كَانَ الْمُدَّعِي هَالكا يَقُول الحقير: فِيهِ إِشْكَال لما سَيَأْتِي فِي أَوَاخِر هَذَا الْفَصْل نقلا عَن الذَّخِيرَة أَنه كَمَا يَصح الدّفع قبل الحكم يَصح بعده أَيْضا، وَلَعَلَّه بِنَاء على أَن الدّفع بعد الحكم لَا يسمع، وَهُوَ خلاف القَوْل الْمُخْتَار كَمَا سَيَأْتِي أَيْضا هُنَاكَ، وَالله تَعَالَى أعلم.
اهـ.
وَأَشَارَ بقوله هَذَا الشئ إِلَى أَن الْمُدَّعِي بِهِ قَائِم كَمَا صرح بِهِ الشَّارِح، إِذْ لَو كَانَ هَالكا لَا تنْدَفع الْخُصُومَة، فَيَقْضِي بِالْقيمَةِ على ذِي الْيَد للْمُدَّعِي، ثمَّ إِن حضر الْغَائِب فَصدقهُ فِيمَا قَالَ فَفِي الْوَدِيعَة وَالرَّهْن والاجارة وَالْمُضَاربَة وَالشَّرِكَة يرجع الْمُدعى عَلَيْهِ على الْغَائِب بِمَا ضمن، وَلَا يرجع الْمُسْتَعِير وَالْغَاصِب وَالسَّارِق كَمَا فِي الْعمادِيَّة، وَإِلَى أَنه أَعم من أَن يكون مَنْقُولًا أَو عقارا كَمَا صرح بِهِ الشَّارِح أَيْضا كَمَا فِي الْمَبْسُوط، وَظَاهر هَذَا القَوْل على أَن ذَا الْيَد ادّعى إِيدَاع الْكل أَو عاريته أَو رَهنه الخ.
مطلب: قَالَ النّصْف لي وَالنّصف وَدِيعَة لفُلَان هَل تبطل الدَّعْوَى فِي الْكل وَفِي النّصْف؟ وَلَو ادّعى أَن نصفه وَنَحْوه ملكه وَنصفه الآخر وَدِيعَة فِي يَد لفُلَان الْغَائِب قيل لَا تبطل دَعْوَى الْمُدَّعِي إِلَّا فِي النّصْف، وَإِلَيْهِ الاشارة فِي بُيُوع الْجَامِع الْكَبِير كَمَا فِي الذَّخِيرَة.
وَقيل تبطل فِي الْكل لتعذر التَّمْيِيز، وَعَلِيهِ كَلَام الْمُحِيط وَالْخَانِيَّة وَالْبَحْر، وَاخْتَارَ فِي الِاخْتِيَار.
وَلَكِن قَالَ صَاحب الْعمادِيَّة: فِي هَذَا القَوْل نظر، فَيظْهر مِنْهُ أَن الْمُخْتَار عِنْده عدم الْبطلَان فِي النّصْف.
وَنقل فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ هَذَا النّظر من غير تعرض، وَكَذَا صَاحب نور الْعين، وَاقْتصر المُصَنّف عَلَى الدَّفْعِ بِمَا ذُكِرَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا زَادَ وَقَالَ كَانَتْ دَارِي بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ أَوْدَعَنِيهَا أَوْ ذَكَرَ هِبَةً وَقَبْضًا لَمْ تَنْدَفِعْ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ، وَلَو أجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِي أَوْ هِيَ لِفُلَانٍ وَلَمْ يزدْ لَا يكون دفعا.
حموي
مُلَخصا.
قَالَ فِي الْبَحْر: وَأَشَارَ بقوله: وَبرهن عَلَيْهِ أَي على مَا قَالَ إِلَى أَنه لَو برهن على إِقْرَار الْمُدَّعِي أَنه لفُلَان وَلم يزِيدُوا فالخصومة بَينهمَا قَائِمَة كَمَا فِي خزانَة الاكمل.
اهـ.
لَكِن يُخَالِفهُ مَا ذكره بعد عَن الْبَزَّازِيَّة أَنَّهَا تنْدَفع فِي هَذِه الصُّورَة، وَكَذَا مُخَالف لما قدمه قبل أسطر عَن خزانَة الاكمل، لَكِن مَا قدمه فِيهِ الشَّهَادَة على إِقْرَار الْمُدَّعِي أَن رجلا دَفعه إِلَيْهِ وَمَا هُنَا على إِقْرَار بِأَنَّهُ لفُلَان بِدُونِ التَّصْرِيح بِالدفع، فَتَأمل.
مطلب: حِيلَة إِثْبَات الرَّهْن على الْغَائِب
قَوْله: (أَو رهننيه) هَذِه مِمَّا تصلح حِيلَة لاثبات الرَّهْن فِي غيبَة الرَّاهِن كَمَا فِي حيل الْوَلوالجِيَّة.
مطلب: لَا بُد من تعْيين الْغَائِب فِي الدّفع وَالشَّهَادَة
قَوْله: (زيد الْغَائِب) أَتَى باسم الْعلم لانه لَو قَالَ أودعينه رَحل لَا أعرفهُ لن تَنْدَفِعْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْغَائِبِ فِي الدّفع، وَكَذَا فِي الشَّهَادَة كَمَا يذكرهُ الشَّارِحُ، فَلَوْ ادَّعَاهُ مِنْ مَجْهُولٍ وَشَهِدَا بِمُعَيَّنٍ أَوْ عَكْسِهِ لَمْ تَنْدَفِعْ.
بَحْرٌ.
وَفِيهِ عَنْ حزانة الْأَكْمَلِ وَالْخَانِيَّةِ: لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ رَجُلًا دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَلَا خُصُومَة بَينهمَا.
مطلب: أطلق فِي الْغَائِب فَشَمَلَ الْبعيد والقريب وَأَطْلَقَ فِي الْغَائِبِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بَعِيدًا مَعْرُوفًا يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَوْ قَرِيبًا،
قَوْله: (أَو