للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْبَحْر: وَالْحَاصِل أَنَّ سَبْقَ التَّارِيخِ أَرْجَحُ مِنْ الْكُلِّ، ثُمَّ الْيَد، ثمَّ الدُّخُول، ثمَّ الاقرار، ثمَّ ذُو التَّارِيخ اهـ.

ثمَّ اعْلَم أَن بَعضهم عبر بإقرارها وَبَعْضهمْ بتصديقها، فَالظَّاهِر أَنَّهُمَا سَوَاء هُنَا، وَلَكِن فرقوا بَينهمَا فَقَالَ الزَّيْلَعِيّ فِي بَاب اللّعان: فَإِن أَبَت حبست حَتَّى تلاعن أَو تصدقه.

وَفِي بعض نسخ الْقَدُورِيّ: أَو تصدقه فتحد، وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً، وَهُوَ لَا يجب بالتصديق أَربع مَرَّات، لَان التَّصْدِيق لَيْسَ بِإِقْرَار قصدا لكنه إِقْرَار ضمنا، فَلَا يعْتَبر فِي حق وجوب الْحَد، وَيعْتَبر فِي درئه فيندفع بِهِ اللّعان وَلَا يجب بِهِ الْحَد اهـ.

وَتقدم فِي حد الْقَذْف أَنه لَو قَالَ لرجل يَا زاني فَقَالَ لَهُ غَيره صدقت حد الْمُبْتَدِئ دون الْمُصدق، وَلَو قَالَ صدقت هُوَ كَمَا قلت فَهُوَ قَاذف أَيْضا اهـ.

وَإِنَّمَا وَجب فِي الثَّانِيَة للْعُمُوم فِي كَاف التَّشْبِيه لَا للتصديق، فَعلم بِهَذَا أَن الْحَد لَا يجب بالتصديق.

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّة: قَالَ لي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ صدقت يلْزمه إِذا لم يقل على وَجه الِاسْتِهْزَاء وَيعرف ذَلِك بالنغمة اهـ فَهُوَ صَرِيح فِيمَا ذكرنَا.

وَأَقُول: لَو اخْتلفَا فِي كَونه صدر على وَجه الِاسْتِهْزَاء أم لَا فَالْقَوْل لمنكر الِاسْتِهْزَاء بِيَمِينِهِ،

وَالظَّاهِر أَنه على نفي الْعلم لَا على فعل الْغَيْر.

تَأمل.

وَفِي شرح أدب الْقَضَاء: وَإِن شَهدا عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْدَمَا شَهدا عَلَيْهِ: الَّذِي شهد بِهِ فلَان عَليّ هُوَ الْحق ألزمهُ القَاضِي وَلم يسْأَل عَن الآخر لَان هَذَا إِقْرَار مِنْهُ، وَإِن قَالَ قبل أَن يشهدَا عَلَيْهِ: الَّذِي يشْهد بِهِ فلَان عَليّ حق أَو هُوَ الْحق فَلَمَّا شَهدا قَالَ للْقَاضِي سل عَنْهُمَا فَإِنَّهُمَا شَهدا عَليّ بباطل وَمَا كنت أظنهما يَشْهَدَانِ لم يلْزمه وَسَأَلَ عَنْهُمَا لانه إِقْرَار مُعَلّق بالخطر فَلَا يَصح اهـ.

قَوْله: (إذَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ مَنْ كَذَّبَتْهُ) فَلَو وجد أَحدهمَا لَا يعْتَبر قَوْلهَا كَمَا علمت.

قَوْله: (وَلم يكن دخل من كَذبته بهَا) لَان الدُّخُول صَار ذَا يَد، وَذَلِكَ دَلِيل سبق عقده ظنا بِالْمُسلمِ خيرا وحملا لامره على الصّلاح، ولاهل الذِّمَّة مَا لنا فِي الْمُعَامَلَات.

قَوْله: (هَذَا إِذا لم يؤرخا) مثل عدم التأريخ مِنْهُمَا إِذا أرخا تأريخا مستويا أَو أرخ أَحدهمَا.

بَحر

قَوْله: (فَالسَّابِق أَحَق بهَا) أَيْ وَإِنْ صَدَّقَتْ الْآخَرَ أَوْ كَانَ ذَا يَد أَو دخل بهَا لانه لَا يعْتَبر مَعَ السَّبق وضع يَد وَلَا دُخُول لكَونه صَرِيحًا وَهُوَ يفوق الدّلَالَة كَمَا علمت.

قَوْله: (فَهِيَ لمن صدقته) إِن لم يكن لاحدهما يَد: أَي أَو دُخُول.

قَوْله: (أَو لذِي الْيَد) أَي إِن كَانَت يَد، وَلَا يعْتَبر تَصْدِيق مَعَه: أَي إِن أَرَّخَ أَحَدُهُمَا وَلِلْآخَرِ يَدٌ فَإِنَّهَا لِذِي الْيَدِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ الثَّانِي) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْمُؤَرِّخِ حَالَةَ الِانْفِرَادِ عَلَى ذِي الْيَدِ فَيُقْضَى هُنَا لِلْمُؤَرِّخِ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ ذَا يَدٍ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْمُؤَرِّخِ حَالَةَ الِانْفِرَادِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ فَهُوَ أولى، وَسَيَأْتِي متْنا.

قَوْله: (وَلم أر من نبه على هَذَا) ذكره فِي الْبَحْر بحثا حَيْثُ قَالَ: فَالْحَاصِل كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة إِنَّه لَا يتَرَجَّح أَحدهمَا إِلَّا بسبق التَّارِيخ أَو بِالْيَدِ أَو بإقرارها بِدُخُول أَحدهمَا اهـ.

وَكَانَ يَبْتَغِي أَن يزِيد أَو بتاريخ من أَحدهمَا فَقَط كَمَا عَلمته اهـ.

وَلَعَلَّ وَجه عدم التَّنْبِيه أَنَّهُمَا إِذا أرخ أَحدهمَا وَللْآخر يَد فاليد دَلِيل على العقد والتأريخ لَيْسَ بِدَلِيل عَلَيْهِ.

قَوْله: (فَتَأمل) أَي هَل يجْرِي قَوْله هُنَا وَيعْتَبر التأريخ من

<<  <  ج: ص:  >  >>