للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ آنِفا، وَتَقَدَّمت فِي هَذَا الْبَاب فِي محلهَا عَن السراج

قَوْله: (مَا يُفِيد مِلْكَ بَائِعِهِ) بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فلَان وَهُوَ يملكهَا.

قَالَ فِي الْبَحْر: ثمَّ اعْلَم أَن الْبَيِّنَة على الشِّرَاء لَا تقبل حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا كَمَا فِي خزانَة الاكمل.

وَفِي السراج الْوَهَّاج: لَا تقبل الشَّهَادَة على الشِّرَاء من فلَان حَتَّى يشْهدُوا أَنه بَاعهَا مِنْهُ وَهُوَ يَوْمئِذٍ يملكهَا، أَو يشْهدُوا أَنَّهَا لهَذَا الْمُدَّعِي اشْتَرَاهَا من فلَان بِكَذَا ونقده الثّمن وَسلمهَا إِلَيْهِ، لَان الانسان قد يَبِيع مَا لَا يملك لجَوَاز أَن يكون وَكيلا أَو مُتَعَدِّيا فَلَا يسْتَحق المُشْتَرِي الْملك بذلك فَلَا بُد من ذكر ملك البَائِع أَو مَا يدل عَلَيْهِ اهـ.

قلت: إِذا كَانَ البَائِع وَكيلا فَكيف يشْهدُونَ بِأَنَّهُ بَاعهَا وَهُوَ يملكهَا، فَلْيتَأَمَّل اهـ.

أَقُول: إِذا عرف الشُّهُود أَن البَائِع وَكيل فَالظَّاهِر أَنهم يَقُولُونَ بَاعهَا بِالْوكَالَةِ عَمَّن يملكهَا لَان

خُصُوص وَهُوَ يملكهَا غير لَازم.

قَالَ فِي نور الْعين فِي آخر الْفَصْل السَّادِس رامزا للمبسوط: لَا تقبل بَيِّنَة الشِّرَاء من الْغَائِب إِلَّا بِالشَّهَادَةِ بِأحد الثَّلَاثَة، إِمَّا بِملك بَائِعه بِأَن يَقُولُوا بَاعَ وَهُوَ يملكهُ، وَإِمَّا بِملك مُشْتَرِيه بِأَن يَقُولُوا هُوَ للْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ من فلَان، وَإِمَّا بِقَبْضِهِ بِأَن يَقُولُوا هُوَ للْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَقَبضه اهـ.

وَفِيه رامز الْفَتَاوَى القَاضِي ظهير: ادّعى إِرْثا وَرثهُ من أَبِيه وَادّعى آخر شِرَاءَهُ من الْمَيِّت وشهوده شهدُوا بِأَن الْمَيِّت بَاعه مِنْهُ وَلم يَقُولُوا بَاعه مِنْهُ وَهُوَ يملكهُ، قَالُوا: لَو كَانَت الدَّار فِي يَد مدعي الشِّرَاء أم مدعي الارث فالشهادة جَائِزَة لانها على مُجَرّد البيع، إِنَّمَا لَا تقبل إِذا لم تكن الدَّار فِي يَد المُشْتَرِي أَو الْوَارِث، أما لَو كَانَت فالشهادة بِالْبيعِ كَالشَّهَادَةِ بِبيع وَملك اهـ.

وَفِي الْبَحْر عَن الْبَزَّازِيَّة: إِذا كَانَ الْمَبِيع فِي يَد البَائِع تقبل من غير ذكر ملك البَائِع، وَإِن كَانَ فِي يَد غَيره وَالْمُدَّعِي يَدعِيهِ لنَفسِهِ، أَن ذكر الْمُدَّعِي وشهوده أَن البَائِع يملكهَا أَو قَالُوا سلمهَا إِلَيْهِ وَقَالَ سلمهَا إِلَيّ أَو قَالَ قبضت وَقَالُوا قبض أَو قَالَ ملكي اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَهِي لي تقبل، فَإِن شهدُوا على الشِّرَاء والنقد وَلم يذكرُوا الْقَبْض وَلَا التَّسْلِيم وَلَا ملك البَائِع وَلَا ملك المُشْتَرِي لَا تقبل الدَّعْوَى وَلَا الشَّهَادَة، وَلَو شهدُوا بِالْيَدِ للْبَائِع دون الْملك اخْتلفُوا اهـ.

قَوْله: (إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ) أَي وَهُوَ يَدعِي الشِّرَاء مِنْهُ وَبرهن فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى شَهَادَة الشُّهُود بِملك البَائِع لمعاينة وضع يَده.

قَوْله: (وَلَو شهدُوا بِيَدِهِ) أَي بيد البَائِع دون الْملك: أَي وَالْمَبِيع لَيْسَ فِي يَده.

قَوْله: (فَقَوْلَانِ) يَنْبَغِي أَن يعْتَمد عدم صِحَة ذَلِك، لَان الْيَد تتنوع إِلَى يَد ملك وَيَد غصب وَيَد أَمَانَة، وَبَيَان الْعَام لَا يُحَقّق الْخَاص وَهُوَ الْمَطْلُوب الَّذِي هُوَ الْملك.

تَأمل.

قَوْله: (وَذُو الْيَد على الشِّرَاء مِنْهُ) صورته: عبد فِي يَد زيد ادَّعَاهُ بكر أَنه ملكه وَبرهن عَلَيْهِ وَبرهن زيد على الشِّرَاء مِنْهُ فذو الْيَد أولى، لَان الْخَارِج إِن كَانَ يثبت أولية الْملك فذو الْيَد يتلَقَّى الْملك مِنْهُ فَلَا تنَافِي فِيهِ، فَصَارَ كَمَا إِذا أقرّ بِالْملكِ لَهُ ثمَّ ادّعى الشِّرَاء مِنْهُ، وَكَذَا لَو برهن الْخَارِج على الارث، فصولين.

وَلَو برهن على الشِّرَاء من أَجْنَبِي فالخارج أَحَق.

<<  <  ج: ص:  >  >>