للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأما مَا يثبت بغَيْرهَا فَقَالَ فِي الْمُنْتَقى: الايدي فِي الْحَائِط على ثَلَاث مَرَاتِب: اتِّصَال تربيع، واتصال ملازقة ومجاورة، وَوضع جُذُوع ومحاذاة، فأولاهم صَاحب التربيع، فَإِن لم يُوجد فَصَاحب الْجُذُوع، فَإِن لم يُوجد فَصَاحب اتِّصَال الملازقة.

بَيَانه: حَائِط بَين دارين يدعيانه: فَإِن كَانَ مُتَّصِلا بِبِنَاء أَحدهمَا دون الآخر فَصَاحب الِاتِّصَال أولى، وَإِن كَانَ مُتَّصِلا ببنائهما اتِّصَال تربيع أَو ملازقة فَهُوَ بَينهمَا، وَإِن كَانَ لاحدهما اتِّصَال تربيع وَللْآخر اتِّصَال ملازقة لصَاحب التربيع أَو للْآخر عَلَيْهِ جُذُوع، فالحائط لصَاحب الِاتِّصَال، وَلِصَاحِب الْجُذُوع مَوضِع جذوعه.

وروى الطَّحَاوِيّ أَن الْكل لصَاحب التربيع، وَإِن لاحدهما اتِّصَال ملازقة وَللْآخر جُذُوع فَصَاحب الْجُذُوع أولى، وَسَيَأْتِي قَرِيبا بأوضح من هَذَا.

أَقُول: ذكر الْحَنَابِلَة فِي كتبهمْ أَن الْمُعْتَبر فِي التربيع أساس الْحَائِط دون اللَّبن وَهُوَ حسن وَكَأَنَّهُ لما يحصل لَهُ من التَّغَيُّر، وَظَاهر نُصُوص أَئِمَّتنَا الاطلاق كَمَا ترى، وَكَأَنَّهُم لم يعتبروا هَذَا لانه عَارض وَيدْرك عروضه.

نعم لَو كَانَ التربيع فِي الاساس دون اللَّبن فَالظَّاهِر أَن الْعبْرَة للاساس لانه أقوى لما يعرض للبن من الاصلاح، وَهَذَا وَلَو كَانَ لاحدهما التربيع فِي الاساس وَللْآخر فِي اللَّبن فَالظَّاهِر أَنه لصَاحب تربيع الاساس وَلم أره.

ثمَّ قَالَ صَاحب الْمُنْتَقى: وَإِذا كَانَ الْحَائِط الْمُتَنَازع فِيهِ مُتَّصِلا من جَانب وَاحِد يَقع فِيهِ التَّرْجِيح وَهُوَ الصَّحِيح.

ذكره الطَّحَاوِيّ.

وَذكر الْكَرْخِي أَنه لَا يَقع بِهِ التَّرْجِيح مَا لم يكن مَوْصُولا طرفاه بالحائطين.

قلت: وَظَاهر الرِّوَايَة يشْتَرط من جوانبه الاربع كَمَا فِي الْفَيْض وَغَيره، لَكِن قَالُوا: الاظهر مَا قَالَه الطَّحَاوِيّ وَعَلِيهِ مَشى فِي الْخُلَاصَة وَالْبَزَّازِيَّة وَغَيرهمَا من المعتمدات كالهندية وَالْمُحِيط وَالْخَانِيَّة وَغَيرهَا.

ثمَّ ذكر أَيْضا: حَائِط بَين دارين يَدعِيهِ صَاحب أَحدهمَا وَلم يكن مُتَّصِلا بِبِنَاء أَحدهمَا: فَإِن كَانَ لاحدهما عَلَيْهِ جُذُوع فَهُوَ أولى، وَإِن كَانَ لاحدهما عَلَيْهِ جذع وَاحِد وَلَا شئ للْآخر قيل هُوَ بَينهمَا، وَقيل لصَاحب الْجذع، وَإِن كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا ثَلَاثَة جُذُوع فَهُوَ بَينهمَا وَلَا عِبْرَة لِكَثْرَة الْجُذُوع لاحدهما: أَي بعد الثَّلَاثَة.

أَقُول: بَعْدَمَا كَانَ لَاحَدَّ الشَّرِيكَيْنِ ثَلَاثَة جُذُوع وَللْآخر أَكثر لَا يتَرَجَّح بهَا، وَلَكِن فِي الْعمادِيَّة مَا نَصه: وءن كَانَ جُذُوع أَحدهمَا أَسْفَل وجذوع الآخر أَعلَى وتنازعا فِي الْحَائِط فَإِن لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ لِسَبْقِ يَدِهِ وَلَا تُرْفَعُ جُذُوعُ الاعلى اهـ.

فَالَّذِي يظْهر من كَلَام الْعمادِيَّة أَن مَحل وجود الْخشب على الْحَائِط لكل مُوجب للاشتراك إِذا لم يكن خشب أَحدهمَا أَعلَى وخشب الآخر أَسْفَل، أما إِذا كَانَ كَذَلِك وتنازعا فِي الْحَائِط فَهُوَ لصَاحب الاسفل وَلَا ترفع جُذُوع الآخر، وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا مُقَيّد لكلامهم، وَلَكِن لَا تظهر ثَمَرَة ذَلِك إِلَّا فِي التَّصَرُّف فِي الْحَائِط وعمارته، فَافْهَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>