تَنْبِيهٌ: أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ فِيمَا لَوْ قَيَّدَ الْعَارِيَّةَ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ بِأَنَّ لِلْمُعِيرِ أَخْذَهَا مِنْ الْمُسْتَعِيرِ، قَالَ: وَبِهِ أُفْتِيَ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ قَائِلًا: وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالرَّهْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِذَا مَضَتْ وَامْتَنَعَ مِنْ خَلَاصِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ اه.
أَقُولُ: وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ فَرَهَنَهُ بِمِائَةٍ إلَى سَنَةٍ فَلِلْمُعِيرِ طَلَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَرْهَنُهُ إلَى سَنَةٍ اه.
لِأَنَّ الرَّهْنَ هُنَا فَاسِدٌ لِتَأْجِيلِهِ كَمَا مَرَّ وَكَلَامُنَا فِي تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (ضَمَّنَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ إلَخْ) أَيْ يُضَمِّنُهُ قِيمَةَ الرَّهْنِ إنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ فَصَارَ غَاصِبًا، وَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَيَفْسَخَ الرَّهْنَ.
جَوْهَرَةٌ.
قَوْلُهُ: (فَرَهَنَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ بِأَقَلَّ مِمَّا عُيِّنَ لَهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ، بَلْ إمَّا بِمِثْلِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ سَمَّى لَهُ شَيْئًا فَرَهَنَهُ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ فَهُوَ على ثَلَاث أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ مِثْلَ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى.
الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَفِيهَا إذَا رَهَنَ بِأَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بِأَقَلَّ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ.
الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْهُ.
فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ الْقِيمَةَ، وَإِنْ نَقَصَ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ إلَى أَقَلَّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ اه مُلَخَّصًا.
وَنَقَلَهُ فِي النِّهَايَةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ، وَكَذَا لَا يَضْمَنُهُ جَمِيعَ قِيمَةِ الثَّوْبِ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ قَدْرَ الدَّيْنِ وَالزَّائِدُ يَهْلِكُ أَمَانَةً اه.
قَوْلُهُ: (لِتَمَلُّكِهِ بِالضَّمَانِ) فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَهَنَهُ مِلْكَ نَفْسِهِ اه.
تَبْيِينٌ.
قَالَ: قَارِئُ الْهِدَايَةِ: وَلِي فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى وَقت الْقَبْض، إِذْ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَإِنَّمَا يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْمُخَالَفَةِ وَهُوَ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَعَقْدُ الرَّهْنِ كَانَ قَبْلَهُ فَيَقْتَصِرُ مِلْكُهُ عَلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَهُ، لِأَنَّ مِلْكَهُ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ اه.
أَبُو السُّعُودِ وَطَّ عَنْ الشَّلَبِيِّ.
أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَلِذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ عَنْهُ قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الرَّهْنِ، فَإِذَا تَوَقَّفَ الْعَقْدُ عَلَى التَّسْلِيمِ لَمْ يُعْتَبَرْ سَابِقًا عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُمَا وُجِدَا مَعًا عِنْدَ التَّسْلِيمِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ الْمُخَالَفَةِ فَلَمْ يَكُنْ مِلْكَهُ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ فَيْضِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ فَاغْتَنِمْهُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِقَبْضِ مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَهُوَ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ.
قَوْلُهُ: (صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ) أَيْ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِقَدْرِهِ وَيَرْجِعُ بِالْفَضْلِ عَلَى الرَّاهِنِ اه.
مِسْكِينٌ.
قَوْلُهُ: (أَيْ مِثْلُ الدَّيْنِ) كَذَا فِي الدُّرَرِ، وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُقَالَ: أَيْ مِثْلُ الرَّهْنِ: أَيْ صُورَةً وَمَعْنًى إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَمَعْنًى فَقَطْ وَهُوَ قِيمَتُهُ إِن كَانَ قيميا لشلا يَلْزَمَ تَشْتِيتُ الضَّمَائِرِ بَعْدَهُ، رَحْمَتِيٌّ مُلَخَّصًا.
وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الطُّورِيِّ.
قَوْلُهُ: (لِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّاهِنَ صَارَ قَاضِيًا دَيْنَهُ بِمَالِ الْمُعِيرِ وَهُوَ الرَّهْنُ.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ كُلُّهُ) أَي