للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوجه قَول الامام أَن الاقرار ابالنسب من الْغَيْر إِقْرَار بِمَا لَا يحْتَمل النَّقْض فَلَا تصح دَعْوَة الْمقر بعد ذَلِك، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّه لَا يحْتَمل النَّقْض لَان فِي زعم الْمقر أَنه ثَابت النّسَب من الْغَيْر وَالنّسب إِذا ثَبت لَا ينْتَقض بالجحود والتكذيب، وَلِهَذَا لَو عَاد الْمقر لَهُ إِلَى تَصْدِيقه جَازَ وَثَبت النّسَب مِنْهُ وَصَارَ كَالَّذي لم يصدقهُ وَلم يكذبهُ ط.

قَوْله: (وَقد أَفَادَهُ) أَي أَفَادَ نَظِيره لَا عينه.

قَوْله: (مَعَه أَو مَعَ غَيره) أَشَارَ إِلَى أَن مَا وَقع من التَّقْيِيد بِكَوْنِهِ مَعَه لَيْسَ احترازيا.

قَالَ الزَّيْلَعِيّ: لَا يشْتَرط لهَذَا الحكم أَن يكون الصَّبِي فِي يَده، واشتراطه فِي الْكتاب وَقع اتفاقيا اهـ شرنبلالية.

قَوْله: (الْغَائِب) إتقاني أَيْضا.

قَوْله: (خلافًا لَهما) فَقَالَا تصح دَعْوَة الْمقر بعد جحود الْمقر لَهُ أَن يكون ابْنه، لَان إِقْرَاره لَهُ بَطل بجحود الْمقر لَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لم يقر وَقد تقدم تَوْجِيه قَول الامام، وَذكره الْمُؤلف.

وَعبارَة الدُّرَر: هُمَا قَالَا: إذَا جَحَدَ زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ فَهُوَ ابْن للْمقر، إِذا صَدَّقَهُ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَدْرِ تَصْدِيقَهُ وَلَا تَكْذِيبه لم تصح دَعْوَة الْمقر عِنْدهم.

لَهما أَن الاقرار ارْتَدَّ برد زيد فَصَارَ كَأَن لم يكن، والاقرار بِالنّسَبِ يرْتَد بِالرَّدِّ، وَلِهَذَا إِذا أكره على الاقرار بِالنّسَبِ فَأقر بِهِ لَا يثبت، وَكَذَا لَو هزل بِهِ وَإِن لم يحْتَمل النّسَب نَفسه، النَّقْض، وَله أَنَّ النَّسَبَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، والاقرار بِمثلِهِ لَا يرْتَد بِالرَّدِّ: أَي بِمثل مَا لَا يحْتَمل النَّقْض إِذْ تعلق بِهِ حق الْمقر لَهُ، حَتَّى لَو صَدَّقَهُ بَعْدَ التَّكْذِيبِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ.

وَأَيْضًا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمقر لَهُ اهـ.

قَالَ قاضيخان: وَمن جملَة النّسَب لَا يرْتَد بِالرَّدِّ فِي حق الْمقر لَان فِي زَعمه أَنه ثَابت النّسَب من الْغَيْر فيصلح حجَّة فِي حق نَفسه وَإِن لم يصلح على الْغَيْر، كمن أقرّ بحريّة عبد إِنْسَان وَكذبه الْمولي لَا يبطل إِقْرَاره فِي حق نَفسه، حَتَّى لَو ملكه بعد ذَلِك يعْتق عَلَيْهِ اهـ.

وَلَا يرْتَد بِالرَّدِّ فِي حق الْمقر، وَمن ذَلِك لَو صدقه الخ، وَلَا فِي حق الْوَلَد لاحتياجه إِلَى النّسَب.

قَوْله: (بعد ثُبُوته) وَهنا أثبت مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ لِلْمُقَرِّ لَهُ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ) أَيْ صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ، وَفِي التَّفْرِيع خَفَاء لانه لَيْسَ هَذَا متفرعا على مَا زَعمه، بل على أَن الاقرار بِمَا لَا يحْتَمل النَّقْض لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْر، كمن أقرّ بحريّة عبد غَيره فكذبه مَوْلَاهُ فَيبقى فِي حق الْمقر حرا وَلَا يرْتَد بِالرَّدِّ، حَتَّى لَو ملكه عتق

عَلَيْهِ، وَكَمن شهد على رجل بنس ب صَغِير فَردَّتْ شَهَادَته لتهمة فَادَّعَاهُ الشَّاهِد لَا تقبل.

وَلَا يرد مَا لَو أقرّ المُشْتَرِي على البَائِع بِإِعْتَاق الْمَبِيع قبل البيع وَكذبه البَائِع ثمَّ قَالَ المُشْتَرِي أَنا أعْتقهُ يتَحَوَّل الْوَلَاء إِلَيْهِ لانها من مَحل الْخلاف، وَلَو سلم فالنسب ألزم من الْوَلَاء لقبوله التَّحَوُّل من موَالِي الام إِلَى موَالِي الاب أَو إِلَى مولى آخر فِيمَا لَو ارْتَدَّت الْمُعتقَة ثمَّ سبيت بَعْدَمَا لحقت فاشتراها آخر وأعتقها.

وَلَا يرد أَيْضا مَا لَو أقرّ أَن عَبده ابْن الْغَيْر ثمَّ ادَّعَاهُ حَيْثُ يعْتق، لَان الْعتْق لَيْسَ لثُبُوت نسبه مِنْهُ، بل لَان إِقْرَاره يسري على نَفسه كَقَوْلِه لعبد الثَّابِت نسبه من غَيره هُوَ ابْني.

وَعبارَة الدُّرَر كَمَا سَمعتهَا فِي المقولة السَّابِقَة.

فَظَهَرَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ بِهِ.

تَأمل.

قَوْله: (فَلَا حَاجَة إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>