للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ حرا، أما إِذا كَانَ مكَاتبا أَو عبدا مَأْذُونا لَهُ فِي التَّزَوُّج يكون وَلَده عبدا: أَي قِنَا للْمُسْتَحقّ عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف خلافًا لمُحَمد، وَهُوَ حر بِالْقيمَةِ عِنْده، وَبَاقِي التَّفْصِيل مَذْكُور فِي بَابه.

قَوْله: (لانه مغرور) أَي والامة ملك للْمُسْتَحقّ وَالْولد جزؤها فاستوجب الْمُسْتَحق النّظر إِلَيْهِ والمغرور مَعْذُور، وَقد بنى الامر على سَبَب صَحِيح فَوَجَبَ الْجمع بَين النظرين مهما أمكن، وَذَلِكَ بِجعْل الْوَلَد حر الاصل فِي حق الاب ورقيقا فِي حق الْمُسْتَحق، لَان اسْتِحْقَاق الاصل سَبَب اسْتِحْقَاق الْجُزْء فَيضمن الاب قِيمَته يَوْم الْخُصُومَة.

وَاعْلَم أَن ولد الْمَغْرُور حر الاصل من غير خلاف، وَلَا خلاف أَنه مَضْمُون على الاب إِلَّا أَن السّلف اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة الضَّمَان، فَقَالَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: يفك الْغُلَام بالغلام وَالْجَارِيَة بالجارية: يَعْنِي إِذا كَانَ الْوَلَد غُلَاما فعلى الاب غُلَام مثله، وَإِن كَانَ جَارِيَة فَعَلَيهِ جَارِيَة

مثلهَا.

وَقَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ: قِيمَته، وَإِلَيْهِ ذهب أَصْحَابنَا، فَإِنَّهُ قد ثَبت بِالنَّصِّ أَن الْحَيَوَان لَا يضمن بِالْمثلِ، وَتَأْويل الحَدِيث الْغُلَام بِقِيمَة الْغُلَام وَالْجَارِيَة بِقِيمَة الْجَارِيَة، ولان النّظر من الْجَانِبَيْنِ وَاجِب دفعا للضَّرَر عَنْهُمَا فَيجْعَل الْوَلَد حر الاصل فِي حق أَبِيه رَقِيقا فِي حق مدعيه نظرا لَهما.

عناية.

قَوْله: (فَلِذَا قَالَ) أَي لكَون الْمَغْرُور من اعْتمد فِي وَطئه على ملك يَمِين الخ: أَي وَلم يُقيد بِالشِّرَاءِ، فَعلم أَن قَول المُصَنّف أَولا اشْتَرَاهَا اتفاقي.

قَوْله: (وَكَذَا الحكم لَو ملكهَا بِسَبَب آخر) كَمَا لَو ملكهَا أُجْرَة عين لَهُ آجرها أَو اتهبها أَو تصدق بهَا عَلَيْهِ أَو أوصى لَهُ بهَا، إِلَّا أَن رُجُوع الْمَغْرُور بِمَا ضمن لَا يعم هَذِه الصُّور، بل يقْتَصر على الْمُشْتَرَاة والمجعولة أُجْرَة والمنكوحة بِشَرْط الْحُرِّيَّة لَا الْمَوْهُوبَة.

والمتصدق بهَا وَالْمُوصى بهَا.

أَفَادَهُ أَبُو السُّعُود.

قَوْله: (عَيْني) حَيْثُ قَالَ: النّظر من الْجَانِبَيْنِ وَاجِب فَيجْعَل الْوَلَد حر الاصل فِي حق الاب رَقِيقا فِي حق الْمُسْتَحق فَيضمن قِيمَته يَوْم الْخُصُومَة لانه يَوْم الْمَنْع، وَيجب على الاب دون الْوَلَد، حَتَّى لَو كَانَ الاب مَيتا تُؤْخَذ من تركته، وَلَا وَلَاء للْمُسْتَحقّ عَلَيْهِ لانه علق حر الاصل، وَكَذَا إِذا ملكهَا بِسَبَب آخر غير الشِّرَاء، وَكَذَا إِذا تزَوجهَا على أَنَّهَا حرَّة فَولدت ثمَّ اسْتحقَّت، روى ذَلِك عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي النِّكَاح.

وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الشِّرَاء بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ من غير نَكِير فَكَانَ إِجْمَاعًا اهـ.

قَوْله: (كَمَا لَو تزَوجهَا على أَنَّهَا حرَّة) أَي بِأَن كَانَ المزوج وَلِيًّا أَوْ وَكِيلًا عَنْهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذا أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ فَلَا رُجُوعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْمُخْبِرِ إِلَّا فِي ثَلَاث مسَائِل: مِنْهَا إذَا كَانَ الْغُرُورُ بِالشَّرْطِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِمَا غَرِمَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ قيمَة الْوَلَد.

وَتَمَامه فِي بَاب الْمُرَابَحَة التَّوْلِيَة وَفِي بَاب الِاسْتِحْقَاق.

قَوْله: (غرم قيمَة وَلَده) أَي وَيرجع ذَلِك عَلَى الْمُخْبِرِ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ بَابِ الْمُرَابَحَة.

قَوْله: (وإرثه لَهُ) أَي لَو مَاتَ الْوَلَد وَترك مَالا فَهُوَ لابيه، وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا لِأَنَّ الْإِرْثَ لَيْسَ بِعِوَضٍ عَن الْوَلَد فَلَا يقوم مقَامه فَلم يَجْعَل سَلامَة الارث كسلامته.

قَوْله: (لانه حر الاصل) فَإِن قلت: إِنَّه ظهر مِنْهُ أَنه رَقِيق فِي حق الْمُسْتَحق فَوَجَبَ أَن تكون التَّرِكَة بَينهمَا، قلت: بل هُوَ حر فِي حق الْمُسْتَحق أَيْضا، حَتَّى لَو لم

<<  <  ج: ص:  >  >>