أَي مَتى وجد اللَّفْظ الدَّال على إنْشَاء الطَّلَاق أَو الْعتاق سَوَاء وجد مَدْلُوله فِي حَال الطواعية أَو الاكراه وَهَذَا مَخْصُوص فِيمَا يَصح مَعَ الاكراه، بِخِلَاف مَا لَا يَصح مَعَه كَالْبيع فَإِنَّهُ يتَخَلَّف مَدْلُوله عَنهُ مَعَ الاكراه: أَي وَهُوَ إِثْبَات الْملك غير مُسْتَحقّ الْفَسْخ.
قَوْله: (وَصَحَّ إِقْرَار العَبْد الْمَأْذُون بِعَين فِي يَده) وَلَو كَانَ إنْشَاء لَا يَصح، لانه يصير تَبَرعا مِنْهُ وَهُوَ لَيْسَ أَهلا لَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُسْلِمُ بِخَمْرٍ) حَتَّى يُؤْمَرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، وَلَو كَانَ تَمْلِيكًا مُبْتَدأ لما صَحَّ كَمَا فِي الدُّرَرِ.
وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخَمْرَ قَائِمَةٌ لَا مُسْتَهْلَكَةٌ إذْ لَا يَجِبُ بَدَلُهَا لِلْمُسْلِمِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.
قَوْله: (وبنصف دَاره مشَاعا) أَي الدَّار الْقَابِلَة للْقِسْمَة فَإِنَّهُ يَصح الاقرار بهَا لكَونه إِخْبَارًا، وَلَو كَانَ إنْشَاء لَكَانَ هبة، وَهبة الْمشَاع الْقَابِل للْقِسْمَة لَا تتمّ، وَلَو قبض بِخِلَاف مَالا يقسم كبيت وحمام صغيرين فَإِنَّهَا تصح فِيهِ وتتم بِالْقَبْضِ.
قَوْله: (وَالْمَرْأَة بِالزَّوْجِيَّةِ من غير شُهُود) لانه إِخْبَار عَن عقد سَابق، وَلَو كَانَ إنْشَاء لما صَحَّ إِقْرَارهَا بِالزَّوْجِيَّةِ من غير شُهُود، لَان إنْشَاء عقد النِّكَاح يشْتَرط لصِحَّته حضورهم كَمَا مر فِي بَابه.
قَوْله: (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بشئ معِين بِنَاء على الاقرار لَهُ بذلك) يَعْنِي إِذا ادّعى عَلَيْهِ شَيْئا لما أَنه أَقَرَّ لَهُ بِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا سَبَبٌ لِلُزُومِ الْمُقَرِّ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ، وَقَدْ عَلَّلَ وُجُوبَ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ بِالْإِقْرَارِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ أُطَالِبُهُ بِمَا لَا سَبَبَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ أَوْ لُزُومِهِ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ.
مِنَحٌ.
وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الدَّعْوَى بالشئ الْمُعَيَّنِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْن لَا بالاقرار بِنَاء على الاقرار، قَوْله بِأَنَّهُ أقرّ لَهُ لَا مَحل لَهُ، وَفِي إقحامه ركاكة.
تَأمل.
قَوْله: (بِهِ يُفْتِي) مُقَابِله أَنَّهَا تسمع كَمَا فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ.
وَحَاصِله: أَن الاقرار هَل هُوَ بَاقٍ فِي الشَّرْع أَو هُوَ إنْشَاء فِي الْمَعْنى فَيكون سَببا لذَلِك، فَمن جعله إنْشَاء سوغ هَذِه الدَّعْوَى، وَمن جعله بَاقِيا على مَعْنَاهُ الاصلي لم يجوز سماعهَا، وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَجَمِيع الْمُتَأَخِّرين، وَهُوَ الصَّحِيح الْمعول عَلَيْهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَة.
قَوْله: (لانه إِخْبَار) أَي لَا سَبَبٌ لِلُزُومِ الْمُقَرِّ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ، وَهُوَ قد جعل سَبَب وجوب الْمُدعى بِهِ على الْمقر الاقرار فَكَأَنَّهُ قَالَ أطالبه بِلَا سَبَبَ
لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ أَوْ لُزُومِهِ بِإِقْرَارِهِ، وَهَذَا بَاطِل لما علم من كَلَام مَشَايِخنَا.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ: أَي لَا يجوز لَهُ أَخذه جبرا ديانَة كإقراره لامْرَأَته بِجَمِيعِ مَا فِي منزله وَلَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ اهـ.
بَحر: أَي وَلَو كَانَ إنْشَاء يحل أَخذه كَمَا فِي الدُّرَر، وَمَا نَقله فِي الْقنية عَن بعض الْمَشَايِخ من أَن الاقرار كَاذِبًا يكون نَاقِلا للْملك فخلاف الْمُعْتَمد الصَّحِيح من الْمَذْهَب الَّذِي إِلَيْهِ يذهب.
قَوْله: (نَعَمْ لَوْ سَلَّمَهُ بِرِضَاهُ كَانَ ابْتِدَاءَ هِبَةٍ وَهُوَ الاوجه) هَذَا ظَاهر إِذا تعمد الْكَذِب، أما إِذا كَانَ يظنّ أَنه وَاجِب عَلَيْهِ يتَعَيَّن الافتاء بِعَدَمِ الْحل.
فرع: الابراء والاقرار لَا يحتاجان إِلَى الْقبُول.
أَفَادَهُ السائحاني.
قَوْله: (أَوْ يَقُولَ لِي عَلَيْهِ كَذَا وَهَكَذَا أَقَرَّ بِهِ) أَي إِنَّه لي عَلَيْهِ.
وَفِي شرح تحفة الاقران وَأَجْمعُوا أَنه لَو قَالَ هَذَا الْعين ملكي وَهَكَذَا أقرّ بِهِ الْمُدعى عَلَيْهِ يقبل.