للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُقَالَ: تَرَكَهُ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا مَرَّ.

فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّهَا غَلِيظَةٌ) فِيهِ نَظَرٌ.

وَنَصُّ مَا فِي الْهِدَايَةِ: وَنَجَاسَتُهَا خَفِيفَة فِي رِوَايَة وغليظة فِي أُخْرَى اهـ.

وَعِبَارَتُهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى أَحْسَنُ مِمَّا هُنَا، حَيْثُ قَالَ: وَمُخْتَارُ السَّرَخْسِيِّ الْخِفَّةُ فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَإِنْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ بِالْغِلْظَةِ فِي رِوَايَةٍ اهـ.

وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ الْأَنْجَاسِ هَكَذَا: وَفِي بَاقِي الْأَشْرِبَةِ رِوَايَاتُ التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ وَالطَّهَارَةِ، رَجَّحَ فِي الْبَحْر الاول، وَفِي النَّهر الاوسط اهـ.

قَوْلُهُ: (وَحُرْمَتُهَا) أَيْ الْأَشْرِبَةِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حُرْمَتَهَا بِالِاجْتِهَادِ) حَتَّى قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ بِإِبَاحَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مِنْهَا.

وَقَالَ شَرِيكٌ بِإِبَاحَةِ الثَّانِي لِامْتِنَانِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا بِقَوْلِهِ: * (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا) * (النَّحْل: ٧٦) وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَاكَ لَمَّا كَانَتْ الْأَشْرِبَةُ كُلُّهَا مُبَاحَةً.

وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ فَإِنَّ أَدِلَّتَهَا قَطْعِيَّةٌ، فَلِذَا كَفَرَ مُسْتَحِلُّهَا.

قَوْلُهُ: (نَبِيذُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ) أَيْ وَنَبِيذُ الزَّبِيبِ.

قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالتَّمْرُ اسْمُ جِنْسٍ كَمَا مَرَّ، فَيَتَنَاوَلُ الْيَابِسَ وَالرَّطْبَ وَالْبُسْرَ، وَيَتَّحِدُ حُكْمُ الْكُلِّ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَالنَّبِيذُ يُتَّخَذُ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَوْ الْعَسَلِ أَوْ الْبُرِّ أَوْ غَيْرِهِ، بِأَنْ يُلْقَى فِي الْمَاءِ وَيُتْرَكَ حَتَّى يُسْتَخْرَجَ مِنْهُ مُشْتَقٌّ مِنْ النَّبْذِ وَهُوَ الْإِلْقَاءُ، كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الطِّلْبَةِ وَغَيره اهـ.

ثُمَّ قَالَ: فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيذِ بِالطَّبْخِ وَعَدَمه كَمَا فِي النّظم.

أَقُول: الظَّاهِر أَنَّ قَوْلَهُ: وَبَيْنَ النَّبِيذِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَالصَّوَابُ وَبَيْنَ النَّقِيعِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي بَيْنَهُ لِلنَّبِيذِ.

تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (إنْ طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ) وَهُوَ أَنْ يُطْبَخَ إلَى أَنْ يَنْضَجَ.

شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.

وَقَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَطْبُوخِ مِنْ الانبذة حرَام بِإِجْمَاع الصحاية إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حُرْمَةِ الْمُتَّخَذِ مِنْ التَّمْرِ أَحَادِيثُ وَفِي حلّه أَحَادِيث، فَإِذا حمل الْمحرم على النئ وَالْمُحَلِّلُ عَلَى الْمَطْبُوخِ فَقَدْ حَصَلَ التَّوْفِيقُ وَانْدَفَعَ التَّعَارُضُ.

عَيْنِيٌّ، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ كُلُّهَا صِحَاحٌ سَاقَهَا الزَّيْلَعِيُّ، وَوَفَّقَ بِمَا ذُكِرَ فَرَاجِعْهُ.

قَالَ الْأَتْقَانِيّ: وَقَدْ أَطْنَبَ الْكَرْخِيُّ فِي رِوَايَةِ الْآثَارِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ فِي تَحْلِيلِ النَّبِيذِ الشَّدِيدِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْأَكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَأَهْلِ بَدْرٍ كَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

وَأَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يُحِلُّونَهُ، وَكَذَا الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ.

وَرُوِيَ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ لِبَعْضِ تَلَامِذَتِهِ: إنَّ مِنْ إحْدَى شَرَائِطِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنْ لَا يُحَرَّمَ نَبِيذُ الْجَرّ اهـ.

وَفِي الْمِعْرَاجِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ أُعْطِيت الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا لَا أُفْتِي بِحُرْمَتِهَا، لِأَنَّ فِيهِ تَفْسِيقَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَلَوْ أُعْطِيت الدُّنْيَا لِشُرْبِهَا لَا أَشْرَبُهَا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهِ، وَهَذَا غَايَة تقواه اهـ.

وَمَنْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ وَالتَّوْفِيقَ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَعَلَيْهِ بِغَايَةِ الْبَيَانِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ اشْتَدَّ) أَيْ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ.

قَالَ فِي الرَّمْز: وَلم يذكر الْقَذْف اكْتِفَاء بِمَا سبق اهـ.

قَوْلُهُ: (بِلَا لَهْوٍ وَطَرَبٍ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الطَّرَبُ خِفَّةٌ تُصِيبُ الْإِنْسَانَ لِشِدَّةِ حُزْنٍ أَوْ سرُور اهـ.

قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَهَذَا التَّقْيِيدُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهَذِهِ الْأَشْرِبَةِ، بَلْ إذَا شَرِبَ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ بِلَهْوٍ وَطَرَبٍ عَلَى هَيْئَةِ الْفَسَقَةِ حرم اهـ ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>