للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي التاترخانية عَن الْخُلَاصَة: رجل قَالَ استوفيت جَمِيع مَالِي عَلَى النَّاسِ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتُ جَمِيعَ غُرَمَائِي لَا يَصِحُّ، إلَّا أَنْ يَقُولَ قَبِيلَةَ فُلَانٍ وَهُمْ يُحصونَ فَحِينَئِذٍ يَصح إِقْرَاره وَيبرأ.

وَفِي التاترخانية أَيْضا عَنْ وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ: أَشْهَدَتْ الْمَرْأَةُ شُهُودًا عَلَى نَفْسِهَا لِابْنِهَا أَوْ لِأَخِيهَا تُرِيدُ بِذَلِكَ إضْرَارَ الزَّوْجِ، أَوْ أَشْهَدَ الرَّجُلُ شُهُودًا عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ لِبَعْضِ الْأَوْلَادِ يُرِيدُ بِهِ إضْرَارَ بَاقِي الْأَوْلَادِ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَسِعَهُمْ أَنْ لَا يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ،

وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِذا كَانَ لِلْقَاضِي عِلْمٌ بِذَلِكَ لَا يَسَعُهُ الْحُكْمُ.

كَذَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَلَى الْأَشْبَاهِ والنظائر.

قَوْله: (يُؤمر فِي الْحَال بِتَسْلِيمِهِ) لاحْتِمَال صِحَة هَذَا الاقرار بِصِحَّتِهِ من هَذَا الْمَرَض.

قَوْله: (يردهُ) أَي إِن كَانَ لَهُ وَارِث غَيره وَلم يصدقهُ.

قَوْله: (تَصَرُّفَات الْمَرِيض نَافِذَة) لما تقدم احْتِمَال صِحَّته، وَيظْهر لي أَن يتَفَرَّع على هَذَا مَا فِي الْخَانِية، وَهُوَ لَو أقرّ لوَارِثه بِعَبْد فَقَالَ لَيْسَ لي لكنه لفُلَان الاجنبي فَصدقهُ ثمَّ مَاتَ الْمَرِيض فَالْعَبْد للاجنبي وَيضمن الْوَارِث قِيمَته وَتَكون بَينه وَبَين سَائِر الْوَرَثَة.

قَوْله: (وَإِنَّمَا ينتفض) أَي التَّصَرُّف الْمَأْخُوذ من التَّصَرُّفَات، وَهَذَا فِي تصرف ينْقض، أما مَا لَا ينْقض كَالنِّكَاحِ فالامر فِيهِ ظَاهر، وَفِي نُسْخَة بِالتَّاءِ.

قَوْله: (بعد الْمَوْت) مَحَله مَا إِذا تصرف لوَارث، وَأما إِذا كَانَ لغير وَارِث: فَإِن كَانَ تَبَرعا أَو مُحَابَاة ينفذ من الثُّلُث، وَإِلَّا فَصَحِيح كَالنِّكَاحِ.

قَوْله: (وَالْعبْرَة لكَونه وَارِثا الخ) قَالَ الزَّيْلَعِيّ: اعْلَم أَن الاقرار لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْمقر لَهُ وَارِثا وَقت الاقرار دون الْمَوْت، أَو كَانَ وَارِثا فيهمَا، وَإِن لم يكن وَارِثا فِيمَا بَينهمَا أَو لم يكن وَارِثا وَقت الاقرار وَصَارَ وَارِثا وَقت الْمَوْت، فَإِن كَانَ وَارِثا وَقت الاقرار دون وَقت الْمَوْت بِأَن أقرّ لاخيه مثلا ثمَّ ولد لَهُ ولد يَصح الاقرار، لعدم كَونه وَارِثا وَقت الْمَوْت، وَإِن كَانَ وَارِثا فيهمَا لَا فِيمَا بَينهمَا بِأَن لامْرَأَته ثمَّ أَبَانهَا وَانْقَضَت عدتهَا ثمَّ تزَوجهَا أَو والى رجلا فَأقر لَهُ ثمَّ فسخ الْمُوَالَاة ثمَّ عقدهَا ثَانِيًا لَا يجوز الاقرار عِنْد أبي يُوسُف، لَان الْمقر مُتَّهم بِالطَّلَاق، وَفسخ الْمُوَالَاة ثمَّ عقدهَا ثَانِيًا، وَعند مُحَمَّد يجوز، لَان شَرط امْتنَاع الاقرار أَن يبْقى وَارِثا إِلَى الْمَوْت بذلك السَّبَب وَلم يبْق، ولانه لما صَار أَجْنَبِيّا تعذر الاقرار كَمَا لَو أنشأه فِي ذَلِك الْوَقْت، أَلا ترى أَنه لَو لم يعْقد ثَانِيًا كَانَ جَائِزا فَكَذَا إِذا عقد، وَإِن لم يكن وَارِثا وَقت الاقرار ثمَّ صَار وَارِثا وَقت الْمَوْت ينظر: فَإِن صَار وَارِثا بِسَبَب كَانَ قَائِما وَقت الاقرار بِأَن أقرّ لاخيه وَله ابْن مَاتَ الابْن قبل الاب لَا يَصح إِقْرَاره، فَإِن صَار وَارِثا بِسَبَب جَدِيد كالتزوج وَعقد الْمُوَالَاة جَازَ.

وَقَالَ زفر: لَا يجوز لَان الاقرار حصل للْوَارِث وَقت العقد فَصَارَ كَمَا إِذا صَار وَارِثا بِالنّسَبِ وَلنَا أَن الاقرار حِين حصل للاجنبي لَا للْوَارِث فَينفذ وَلزِمَ فَلَا يبطل، بِخِلَاف الْهِبَة لانها وَصِيَّة وَلِهَذَا من الثُّلُث، فَيعْتَبر وَقت الْمَوْت، بِخِلَاف مَا إِذا صَار وَارِثا بِالنّسَبِ بِأَن أقرّ مُسلم مَرِيض لاخيه الْكَافِر، ثمَّ أسلم قبل مَوته أَو كَانَ محجوبا بالابن ثمَّ مَاتَ الابْن، حَيْثُ لَا يجوز الاقرار لَهُ لَان سَبَب الارث كَانَ

قَائِما وَقت الاقرار، وَلَو أقرّ لوَارِثه ثمَّ مَاتَ الْمقر لَهُ ثمَّ الْمَرِيض ووارث الْمقر لَهُ من وَرَثَة الْمَرِيض لم يجز إِقْرَاره عِنْد أبي يُوسُف أَولا، لَان إِقْرَاره حصل للْوَارِث ابْتِدَاء وانتهاء.

وَقَالَ آخرا: يجوز وَهُوَ قَول

<<  <  ج: ص:  >  >>