للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عبر بِهِ فِيمَا مر، وَيدل عَلَيْهِ قطعا كَلَام الْمنح حَيْثُ قَالَ: قَوْله أَي الزَّيْلَعِيّ: للْمقر أَن يَرْجِعُ عَنْهُ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى إقْرَارِهِ، أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِمِثْلِ إقْرَارِهِ إلَخْ، وَعَزَاهُ لِبَعْضِ شُرُوحِ السِّرَاجِيَّةِ فَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُقِرَّ لَا شَكَّ أَنَّ الضَّمِير فِيهِ للْمقر عَلَيْهِ لَا للْمقر لَهُ، فَعلم أَن قَوْله الْمقر لَهُ صَوَابه الْمقر عَلَيْهِ كَمَا عبر بِهِ صَاحب الْمِنَحِ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي إنْ بِالتَّصْدِيقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ.

قَالَ فِي رُوحِ الشُّرُوحِ عَلَى السِّرَاجِيَّةِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ مَعَ الْمُقَرِّ رَجُلٌ آخَرُ أَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ أَوْ الْوَرَثَةُ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِقْرَارِ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِصْرَارُ عَلَى الْإِقْرَارِ إلَى الْمَوْتِ، وَلَا يَنْفَعُ الرُّجُوعُ لثُبُوت

النّسَب حِينَئِذٍ اهـ.

وَفِي شَرْحِ فَرَائِضِ الْمُلْتَقَى لِلطَّرَابُلُسِيِّ: وَصَحَّ رُجُوعُهُ لانه وَصِيَّة معنى وَلَا شئ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ.

قَالَ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ الْمُسَمَّى بِالْمِنْهَاجِ: وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ إقْرَارَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِمِثْلِ إقْرَارِهِ، أَمَّا إذَا صَدَّقَ إقْرَارَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ أَوْ أَقَرَّ بِمِثْلِ إقْرَارِهِ، فَلَا يَنْفَعُ الْمُقِرَّ رُجُوعُهُ عَنْ إقْرَارِهِ، لِأَنَّ نَسَبَ الْمُقَرِّ لَهُ قَدْ ثَبَتَ مِنْ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ اهـ.

فَهَذَا كَلَام شرَّاح السِّرَاجِيَّة، فَالصَّوَاب التَّعْبِير بعليه كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمِنَحِ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهَا هُنَا كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ وَعبارَة الشَّارِح فِي الْفَرَائِض غير محررة.

فَتنبه.

أَقُول: لَكِن قد يُقَال: إِن هَذَا التصويب غير صَحِيح، وَإِنَّمَا الْخَطَأ فِي الِاسْتِدْرَاك بعده، لَان الاقرار هُنَا من الْمقر لَهُ وَهنا من الْمقر عَلَيْهِ فالاستدراك بِهِ غلط.

تَأمل

قَوْله: (لَكِن الخ) اسْتِدْرَاك عَن الزَّيْلَعِيّ والبدائع، وَلَا شكّ أَن الزَّيْلَعِيّ وَصَاحب الْبَدَائِع أولى بالاعتماد من شُرُوح السِّرَاجِيَّة، مَعَ أَن الْوَجْه ظَاهر مَعَهُمَا لانه جعله وَصِيَّة من وَجه فباعتباره يَصح الرُّجُوع، وَالْوَصِيَّة يَصح الرُّجُوع عَنْهَا، سَوَاء قبل الْمُوصى لَهُ أم لَا، وَمَا فِي الزَّيْلَعِيّ والبدائع مُوَافق لما فِي الْكتب، وَعبارَة الْهِدَايَة: حَتَّى لَو أقرّ فِي مَرضه بِأَخ وَصدقه الْمقر لَهُ ثمَّ أنكر الْمقر وراثته ثمَّ أوصى بِمَالِه كُله لانسان كَانَ مَاله للْمُوصى لَهُ، وَلَو لم يوص لَاحَدَّ كَانَ لبيت المَال، لَان رُجُوعه صَحِيح لَان النّسَب لم يثبت فَبَطل الاقرار اهـ.

وَأقرهُ الشُّرَّاح.

وَقد صرح بِأَنَّهُ بعد تَصْدِيق الْمقر لَهُ لم يَصح رُجُوعه، وَنَقله المُصَنّف مزاد بِهِ بعد تَصْدِيق الْمقر عَلَيْهِ، وَهُوَ الاب مثلا فِيمَا إِذا أقرّ بِأَخ.

وَقَالَ فِي الدّرّ الْمُنْتَقى: وَعِنْدِي فِي ثُبُوته بِمُجَرَّد تصادقهما تردد، وَلَعَلَّ مُرَاد بعض شراحها بالتصديق تَصْدِيق أَخ آخر كَمَا مر فَتدبر اهـ.

وَذكره بعده فرعا آخر: لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ هَلْ يَصِحُّ؟ قَالَ الشَّافِعِيَّة لَا لَان مَا دَعَا وُجُودُهُ إلَى نَفْيِهِ انْتَفَى مِنْ أَصْلِهِ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا صَرِيحًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَعَمْ، فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

وتوضيحه: أَن أَخا الْمَيِّت لَو أقرّ أَن للْمَيت ابْنا، قَالَت الشَّافِعِيَّة: لَا يَصح إِقْرَاره، لانه لَو صَحَّ لبطل كَونه وَارِثا، وَإِذا بَطل كَونه وَارِثا لم يَصح إِقْرَاره، وَظَاهر كَلَام أَئِمَّتنَا أَنه أقرّ بِسُقُوط حق فِي

الْمِيرَاث، وَأَن الْمُسْتَحق لَهُ من أقرّ ببنوته للْمَيت فَينفذ عَلَيْهِ.

قَالَ فِي غَايَة الْبَيَان: وَيَنْبَغِي لَك أَن تعرف أَن الرُّجُوع عَن الاقرار بِالنّسَبِ إِنَّمَا يَصح إِذا كَانَ الرُّجُوع قبل ثُبُوت النّسَب كَمَا نَحن فِيهِ، لَان النّسَب لم يثبت لكَونه تحميلا على الْغَيْر وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك، فَإِذا ثَبت النّسَب فَلَا يَصح الرُّجُوع بعد ذَلِك، لَان النّسَب لَا يحْتَمل النَّقْض بعد ثوبته اهـ.

وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>