للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكتاب.

وَهل يحد إِذا سكر مِنْهُ؟ قيل لَا يحد، وَقَالُوا: الاصح أَنه يحد، إِذْ رُوِيَ عَن مُحَمَّد فِيمَن سكر من الاشربة أَنه يحد بِلَا تَفْصِيل، إِذْ الْفُسَّاق يَجْتَمعُونَ عَلَيْهِ فِي زَمَاننَا كَمَا على سَائِر الاشربة بل فَوق ذَلِك.

يَقُول الحقير: قَوْله الاصح مُوَافق لما اخْتَارَهُ صَاحب الْمَبْسُوط كَمَا مر، لكنه مُخَالف لما نَقله قاضيخان عَن الْفَقِيه أبي جَعْفَر، وَلما نَقله الْبَزْدَوِيّ أَيْضا عَن أبي حنيفَة، كَمَا مر كِلَاهُمَا فِي أول المبحث، وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ.

هِدَايَة المثلث.

العنبي حَلَال عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف إِذا قصد بِهِ التقوية لَا التلهي.

وَعند مُحَمَّد: حرَام، وَعنهُ أَنه حَلَال، وَعند أَنه مَكْرُوه، وَعنهُ أَنه توقف فِيهِ مختارات النَّوَازِل نَبِيذ تمر ونبيذ زبيب إِذا طبخ أدنى طبيخ، وَإِن اشْتَدَّ إِذا شرب مَا يغلب على ظَنّه أَنه لَا يسكر من غير لَهو وَلَا طرب جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف، وَهُوَ الصَّحِيح، لانه أبعد من تفسيق الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ونبيذ حِنْطَة وشعير وَعسل حَلَال وَإِن لم يطْبخ إِذا شرب مِنْهُ بِلَا لَهو، عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف فَهُوَ المثلث وَلَا يحد شَاربه عِنْدهمَا، وَلَا يَقع طَلَاقه وَإِن سكر مِنْهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَيُحَدُّ شَارِبُهُ إذَا سكر مِنْهُ، وَيَقَع طَلَاقه.

والاصح فِيهِ قَول مُحَمَّد، وَكَذَا الْمُتَّخذ من الالبان إِذا اشْتَدَّ، فَهُوَ على هَذَا الْخلاف أشباه.

صَرَّحُوا بِكَرَاهَة أَذَان السَّكْرَان، والاستحباب الاعادة، وَيَنْبَغِي أَن لَا يَصح أَذَانه كَالْمَجْنُونِ فضك.

سَكرَان جمح فرسه فاصطدم إنْسَانا فَمَاتَ، لَو كَانَ يقدر على مَنعه فَلَيْسَ بمسير لَهُ فَلَا يُضَاف إِلَيْهِ سيره، وَكَذَا غير السَّكْرَان لَو عَاجِزا عَن مَنعه.

زوج بنته الصَّغِيرَة بِأَقَلّ من مهرهَا: لَو صَاحِيًا جَازَ عِنْد أبي حنيفَة، أما عِنْدهمَا فَقيل: يجوز النِّكَاح لَا النُّقْصَان، وَنَصّ فِي جمع أَنه لَا يجوز النِّكَاح عِنْدهمَا، وَلَو فِي سكر اخْتلف على قَول أبي حنيفَة، قيل يجوز، وَقيل لَا، وَهُوَ الصَّحِيح فَقَط.

تزوج امْرَأَة بِحَضْرَة سكارى وَعرفُوا أَمر النِّكَاح إِلَّا أَنهم لَا يذكرُونَ بعد صحوهم جَازَ ط.

وَكله بِطَلَاق فَطلقهَا وَهُوَ سَكرَان، فَلَو وَكله وَهُوَ سَكرَان يَقع إِذْ رَضِي بعبارته، وَلَو وَكله وَهُوَ صَاح لَا يَقع إِذْ رَضِي بِعِبَارَة الصاحي لَا السَّكْرَان خَ.

وَكيل بيع وَشِرَاء إِذا سكر نَبِيذ تمر: فَلَو يعرف البيع وَالشِّرَاء وَالْقَبْض قَالَ سنجر: جَازَ عقده على مُوكله كَمَا بَاشر لنَفسِهِ لَا لَو ببنج كمعتوه.

وَقَالَ غَيره: لَا يجوز فِي النَّبِيذ أَيْضا، إِذْ بيع السَّكْرَان إِنَّمَا جَازَ زجرا عَلَيْهِ فَلَا يجوز على مُوكله، فَسقط رد الْغَصْب على سَكرَان وَرفع ثَوْبه للْحِفْظ مر فِي أَوَائِل فصل الضَّمَان انْتهى.

قَالَ بعض الْفُضَلَاء: وَهل يدْخل فِي ذَلِك تَصَرُّفَات الصَّبِي السَّكْرَان من إِسْلَامه وَغَيره؟ وَكَانَت وَاقعَة الْفَتْوَى تَأمل.

أَقُول: الظَّاهِر أَنه لَا يدْخل فِي ذَلِك، لَان الْبَالِغ السَّكْرَان من محرم جعل مُخَاطبا زجرا لَهُ وتغليظا عَلَيْهِ، وَالصَّبِيّ لَيْسَ أَهلا للزجر والتغليظ.

كَذَا ذكره فِي الْحَوَاشِي الْحَمَوِيّ.

قَوْله: (بَطل إِقْرَاره) قَالَ فِي الذَّخِيرَة: من أقرّ لانسان بشئ وَكذبه الْمقر لَهُ فَقَالَ الْمقر أَنا أقيم الْبَيِّنَة على ذَلِك لَا تقبل بَينته اهـ.

بيري.

وَلَو عَاد الْمقر فِي الاقرار ثَانِيًا وَصدقه الْمقر لَهُ كَانَ للْمقر لَهُ أَن يؤاخذه بِإِقْرَارِهِ الثَّانِي.

تاترخانية.

وَالْمعْنَى: أَنه إِذا كذبه ثمَّ صدقه لَا يعْمل تَصْدِيقه إِلَّا فِي الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة فَإِنَّهُ يعْمل تَصْدِيقه بعد التَّكْذِيب ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>