للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمن المهم مَا فِي الْعمادِيَّة من الْفَصْل السَّابِع عَن دَعْوَى الْخَانِية: اتّفقت الرِّوَايَات أَن قَوْله لَا دَعْوَى لي قبل فلَان أَو لَا خُصُومَة لي قبله يمْنَع الدَّعْوَى، إِلَّا فِي حق حَادث بعد الْبَرَاءَة كَقَوْلِه بَرِئت من هَذَا العَبْد أَو خرجت من أَو لَا ملك لي فِيهِ فَإِنَّهُ يمْنَع دَعْوَاهُ اهـ.

قَوْله لَا حق لي قبله فَإِنَّهُ يعم كل عين وَدين وكفالة وَغَيرهَا مُطلقًا، لَان لَا حق نكرَة فِي النَّفْي والنكرة فِي النَّفْي تعم.

كَذَا أطلقهُ محشي الاشباه وَغَيره.

قلت: وَهَذَا قَضَاء إِلَّا الْمهْر على مَا قدمْنَاهُ قبيل الصُّلْح، فَتَأمل.

وكما لَو أَبرَأَهُ عَن الدَّعَاوَى فَإِنَّهُ يعم كلهَا، إِلَّا إِذا ادّعى مَالا إِرْثا عَن أَبِيه وَلم يعلم بِمَوْتِهِ وَقت الابراء تسمع دَعْوَاهُ، لَا إِن علم كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة من الرَّابِع عشر فِي دَعْوَى الابراء، وَوَقع فِيهَا بكراس وَفِي غَيرهَا بترك جَوَاب الشَّرْط

فليتنبه لذَلِك.

كَذَا أَفَادَهُ الحانوتي فِي فَتَاوِيهِ، وَذكر أَن معنى الابراء الْعَام أَن يكون للْعُمُوم مُطلقًا لَا بِقَيْد تركته أَو تركتهَا فَلَا يحْتَاج لما اسْتَثْنَاهُ فِي الاشباه لانه مُخَصص بتركة وَالِده، وَقد قدمنَا عدم سماعهَا وَلَو بالارث حَيْثُ علم بِمَوْت مُوَرِثه، إِلَّا أَن تخص الْمَسْأَلَة المستثناة مَسْأَلَة الْوَصِيّ دون الْوَارِث.

فَتَأمل.

قَالَ: وَذَلِكَ كُله حَيْثُ لم تكن الْبَرَاءَة والاقرار بعد دَعْوَى بشئ خَاص وَلم يعمم بِأَن يَقُول أَيَّة دَعْوَة كَانَت أَو مَا يُفِيد ذَلِك، لما فِي الْبَزَّازِيَّة أَيْضا بعد قَوْله السَّابِق.

قَوْله: وَفِي الْمنية: ادّعى عَلَيْهِ دعاوى مُعينَة ثمَّ صَالحه وَأقر أَنه لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ ثمَّ ادّعى حَقًا تسمع، وَحمل إِقْرَاره على الدَّعْوَى الاولى، إِلَّا إِذا عمم وَقَالَ أَيَّة دَعْوَة كَانَت، وَنَحْوه كلا خُصُومَة بِوَجْه من الْوُجُوه كَمَا ذكره فِي الصُّلْح: أَي وَنَحْوه مِمَّا يُفِيد الْعُمُوم زَائِدا على قَوْله لَا دَعْوَى لَهُ، وَبِهَذَا الْحل اضمحل توهم تنَاقض كَلَامهم، لَان من صرح بِعَدَمِ سماعهَا بعد الابراء الْعَام الْمُطلق صرح بسماعها بعد إِبْرَاء الْوَارِث وَغَيره، لَكِن فِي محَال مُخْتَلفَة، وَبِهَذَا صَارَت مؤتلفة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.

انْتهى مَا فِي شرح الْمُلْتَقى.

وَقدمنَا قبيل الاقرار عِنْد قَوْله والتناقض فِي مَوضِع الخفاء عَفْو خُلَاصَة مَا حَرَّره سَيِّدي الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي رسَالَته (إِعْلَام الاعلام بِأَحْكَام الابراء الْعَام) الَّتِي وفْق فِيهَا بَين عِبَارَات متعارضة، وَدفع مَا فِيهَا من المناقضة، فَارْجِع إِلَيْهَا فَإِنَّهَا مفيدة فِي بَابهَا، كَافِيَة لطلابها.

وَالَّذِي تحرر فِيهَا فِي خُصُوص مَسْأَلَتنَا: أَن الابْن إِذا أشهد على نَفسه أَنه قبض من وَصِيّه جَمِيع تَرِكَة وَالِده وَلم يبْق لَهُ مِنْهَا قَلِيل وَلَا كثير إِلَّا اسْتَوْفَاهُ ثمَّ ادّعى دَارا فِي يَد الْوَصِيّ وَقَالَ هَذِه من تَرِكَة وَالِدي تَركهَا مِيرَاثا لي وَلم أقبضها فَهُوَ على حجَّته، وَتقبل بَينته كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي آخر أَحْكَام الصغار للاستروشني معزيا للمنتقى، وَكَذَا فِي الْفَصْل الثَّامِن وَالْعِشْرين من جَامع الْفُصُولَيْنِ، وَكَذَا فِي أدب الاوصياء فِي كتاب الدَّعْوَى معزيا إِلَى الْمُنْتَقى وَالْخَانِيَّة والعتابية مصرحين بِإِقْرَار الصَّبِي بِقَبْضِهِ من الْوَصِيّ فَلَيْسَ إِلَّا إِقْرَار الْمَجْهُول كَمَا ادَّعَاهُ الشُّرُنْبُلَالِيّ.

وَمِمَّنْ نَص على ذَلِك التَّصْرِيح أَيْضا الْعَلامَة ابْن الشّحْنَة فِي شرح الْوَهْبَانِيَّة وَذكر الْجَواب عَن مُخَالفَة هَذَا الْفَرْع لما أطبقوا عَلَيْهِ من عدم سَماع الدَّعْوَى بعد الابراء الْعَام بِأَن الظَّاهِر أَنه اسْتِحْسَان.

وَوَجهه أَن الابْن لَا يعرف مَا تَركه أَبوهُ على وَجه التَّفْصِيل غَالِبا، فاستحسنوا سَماع دَعْوَاهُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>