للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالِاسْتِيفَاءِ، فَإِن أقرّ وَبرهن على ذَلِك لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ دَعْوَى الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ تصح وَيحلف الْمقر لَهُ أَنه مَا كَانَ كَاذِبًا فِي إِقْرَاره اهـ.

وَهَذَا يدل على أَنه يقبل وَيحلف، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يحمل كَلَام الْخَانِية على أَنه لَا يقبل فِي حق الْبَيِّنَة، أَو أَنه على قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد لَا على قَول أبي يُوسُف الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُتَأَخّرُونَ للْفَتْوَى وَهُوَ الظَّاهِر، فَتَأَمّله هَذَا.

وَقد ذكر فِي الْخَانِية فِي بَاب الْيَمين الْخلاف الْمَذْكُور.

ثمَّ قَالَ: يُفَوض ذَلِك إِلَى رَأْي القَاضِي والمفتي فَرَاجعه إِن شِئْت.

ثمَّ إِنَّا لم نر فِي إِقْرَار الْخَانِية هَذِه الْعبارَة، وَالشَّارِح هُنَا تبع فِي النَّقْل مَا فِي الاشباه والنظائر فَإِن هَذِه الْفُرُوع منقولة مِنْهُ فَكُن على بَصِيرَة.

وَفِي الْبَحْر عَن خزانَة الْمُفْتِينَ: لَو أقرّ بِالدّينِ ثمَّ ادّعى الايفاء لَا تقبل إِلَّا إِذا تفَرقا عَن الْمجْلس.

اهـ.

قَوْله: (لم يَقع يَعْنِي ديانَة) أما إِذا كَانَ ذَلِك بَين يَدي القَاضِي فَلَا يصدقهُ فِي الْبناء الْمَذْكُور كَمَا يُؤْخَذ من مَفْهُومه، وَبِه صرح فِي حَوَاشِي الاشباه، كَمَا لَو أقرّ أَن هَذِه الْمَرْأَة أمه مثلا ثمَّ أَرَادَ أَن يَتَزَوَّجهَا وَقَالَ وهمت وَنَحْوه وصدقته الْمَرْأَة فَلهُ أَن يَتَزَوَّجهَا لَان هَذَا مِمَّا يجْرِي فِيهِ الْغَلَط، وَكَذَا لَو طلق امْرَأَة ثَلَاثًا ثمَّ تزَوجهَا وَقَالَ لم أكن تَزَوَّجتهَا حِين الطَّلَاق صدق وَجَاز النِّكَاح.

بيري.

فَإِن قيل: كَيفَ يتَبَيَّن خِلَافه أُجِيب بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون الْمُفْتِي غير ماهر فِي الْمَذْهَب فَأفْتى من أعلم مِنْهُ بِعَدَمِ الْوُقُوع، وَيحْتَمل أَن الْمُفْتِي أفتى أَولا بالوقوع من غير تثبت ثمَّ أفتى بعد التثبت بِعَدَمِهِ.

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّة: ظن وُقُوع الثَّلَاث بإفتاء من لَيْسَ بِأَهْلٍ فَأَمَرَ الْكَاتِبُ بِصَكِّ الطَّلَاقِ فَكُتِبَ ثُمَّ أَفْتَاهُ عَالِمٌ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ لَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهَا فِي الدِّيَانَةِ لَكِنَّ الْقَاضِيَ لَا يصدقهُ لقِيَام الصَّك اهـ.

وَمن فروع هَذِه الْمَسْأَلَة مَا فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: تَكَلَّمت فَقَالَ هَذَا كفر وَحرمت عَليّ بِهِ فَتبين أَن ذَلِك اللَّفْظ لَيْسَ بِكفْر، فَعَن النَّسَفِيّ أَنَّهَا لَا تحرم.

وَفِي مجمع الفتاوي: ادّعى على إِنْسَان مَالا أَو حَقًا فِي شئ فَصَالحه على مَال ثمَّ تبين أَنه لم يكن ذَلِك المَال عَلَيْهِ وَذَلِكَ الْحق لم يكن ثَابتا كَانَ للْمُدَّعى عَلَيْهِ حق اسْتِرْدَاد ذَلِك المَال.

كَذَا ذكره الْحَمَوِيّ.

قَوْله: (فَأفْتى بَعضهم بِصِحَّتِهِ) وَلَا يُفْتى بعقوبة السَّارِق لانه جور.

تجنيس وقهستاني وَقد سلف ط.

نقل فِي كتاب السّرقَة عَن إكْرَاهِ الْبَزَّازِيَّةِ: مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّةِ إِقْرَاره بهَا مكْرها.

قَالَ:

وَهُوَ الَّذِي يَسَعُ النَّاسَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَإِلَّا فالشهادة على السرقات من أندر الامور.

وَنقل عَن الزَّيْلَعِيّ جَوَاز ذَلِك سياسة، وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ، وَحكي عَنْ عِصَامٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سَارِقٍ يُنْكِرُ فَقَالَ: عَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَقَالَ الْأَمِيرُ سَارِقٌ وَيَمِينٌ، هَاتُوا بِالسَّوْطِ فَمَا ضَرَبُوهُ عَشَرَةً حَتَّى أَقَرَّ، فَأَتَى بِالسَّرِقَةِ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا رَأَيْت جورا أشبه بِالْعَدْلِ من هَذَا.

قَوْله: (الاقرار بشئ محَال) كَقَوْلِه إِن فلَانا أَقْرضنِي كَذَا فِي شهر كَذَا وَقد مَاتَ قبله أَو أَقَرَّ لَهُ بِأَرْشِ يَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَار ويداه صحيحتان لم يلْزمه شئ كَمَا فِي حيل التاترخانية.

وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت بِبُطْلَانِ إقْرَارِ إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مِنْ السِّهَامِ لِوَارِثٍ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّة لكَونه محالا شرعا، مثلا لَو مَاتَ عَن ابْن وَبنت فَأقر الابْن أَن التَّرِكَة بَينهمَا نِصْفَانِ بِالسَّوِيَّةِ فالاقرار

<<  <  ج: ص:  >  >>